بوابة أراضينا للزراعة والإنتاج الحيوانى

يقصد بمياه الصرف الصحي تلك المياه الناتجة من استخدام المنازل والمصانع إضافة إلى مياه المجارى والصرف الزراعي.

ونظرا للنقص المتوقع في مصادر المياه العذبة الطبيعية تزداد الحاجة إلى استخدام مياه الصرف الصحي بعد معاملتها بطرق خاصة ؛ لتنقيتها وجعلها صالحة للري.

وفى مناطق كثيرة نجد مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية يتم ريها حاليا بهذه المياه ، حيث تروى بها بساتين الفاكهة متساقطة الأوراق (العنب) والأفوكادو والموالح.

ونظرا لاختلاف طبيعة مياه الصرف الصحي عن المياه العذبة من حيث الجودة، فان ذلك يتطلب اتخاذ إجراءات خاصة مثل: اختيار طرق الري المناسبة والمعدات والأنظمة الملائمة ، مع متابعة إجراءات وكيماويات التسميد وضبط جودة المياه ، وملاحظة أوضاع التربة والنبات بصفة مستمرة لمنع وقوع أضرار أو خسائر.

وبالرغم من جميع إجراءات معاملة مياه الصرف (التنقية والتكرير والتطهير) فان المياه الناتجة تتميز - مقارنة بالمياه العذبة - بارتفاع نسبة جميع الأملاح المذابة من الكلوريد والبورون والصوديوم والأملاح المعدنية الثقيلة.

وتتوقف صلاحية مياه الصرف الصحي للري على نسبة مياه المصادر المختلفة المكونة لمياه الصرف الصحي - خاصة مياه الصرف الزراعي ومياه الصرف الصحي للمصانع - التي تصل إلى خزانات ومجمعات تكرير وتطهير هذه المياه.

وتختلف نوعية مياه الصرف الصحي تبعا لمصدرها . ففي حين تتشابه مياه المجارى الناتجة من المنازل في مكوناتها ، تختلف نوعية مياه المصانع تبعا لنوع الصناعة ، فمثلا تحتوى المياه الناتجة من مصانع البويات المعدنية على تركيز عال من المعادن الثقيلة ، في حين تحتوى المياه الناتجة من المجازر ومصانع المواد الغذائية على تركيزات عالية من أملاح الصوديوم والكلوريد ، بينما تحتوى مياه الصرف الصحي لمصانع الورق على تركيز عال من البورون.

كما وجد أن مياه المجارى تتميز بأن الأملاح المذابة فيها مثل الصوديوم لا تنفصل عن المياه أثناء مراحل التكرير والتطهير ، مما يعنى أن الأملاح الموجودة نتيجة الاستخدام المنزلي أو الصناعي تبقى في المياه ، وتصل من خلال الري إلى التربة.

وقد وجد أيضا أن مياه الصرف الصحي تحتوى على كمية لا بأس بها من العناصر الغذائية كالنتروجين والفسفور التي يمكنها أن تسد احتياجات معظم المحاصيل الزراعية ، بجانب وجود كمية من البوتاسيوم إلا انه يلزم إضافة كميات خارجية أخرى إليها لسد احتياجات المحصول المنزرع.

كيف يؤثر الري بمياه الصرف الصحي على ملوحة منطقة الجذور ؟

تحتوى جميع أنواع التربة على أملاح مذابة في محلول التربة ، يعتبر بعضها حيويا للنبات. أما التأثير السلبي لأملاح التربة على النبات فينتج عن طريق عاملين أساسيين:

  1. التأثير الأسموزى : حيث يؤثر على قدرة امتصاص الأشجار للماء.
  2. التسمم من عناصر معينة : كالكلوريد والبورون والصوديوم التي تتجمع عادة في الأشجار مؤدية إلى احتراق الأوراق وسقوطها.

أيضا يمكن أن تتضرر النباتات بشكل غير مباشر نتيجة تراكم الصوديوم في التربة ، حيث يؤثر ذلك على خاصية سريان الماء وحدوث مشاكل في تهوية التربة.

إن معرفة مدى جودة مياه الصرف الصحي المتاحة للري لمنع أثارها الضارة على منطقة الجذور تعتمد على تطبيق المعايير الأساسية لتحديد جودة مياه الري عليها.

ويمكن تلخيص هذه المعايير فيما يلى:

  •  المحتويات العامة من الأملاح.
  •  تركيز أملاح الصوديوم ومستواه بالنسبة لأملاح الأخرى (مثل الكالسيوم والماغنسيوم ).
  •  تركيز العناصر ذات التأثير الخاص.

ومن ناحية أخرى فان تأثير أي نوع من مياه الري لا يتعلق فقط بالتركيز الكيماوي للمياه ، لكن يرتبط أيضا بالظروف المنتظمة الأولى لتصبح نسبتها متشابهة على الأقل لمياه الري. على ذلك فانه كلما كانت نسبة الأملاح في مياه الصرف الصحي المستخدمة في الري عالية ، كانت الفترة الزمنية منذ بداية تجمع الأملاح حتى وصولها للحد الأعلى لمحصول ما قصيرة . وتتوقف سرعة تجمع الأملاح في منطقة الجذور عند الري بمياه ذات جودة معينة على مدى استهلاك المحصول للماء ، ومدى البخر من سطح التربة ، وكذلك طريقة الري.

وكما ذكرنا سابقا فان بساتين الفاكهة الاستوائية (المانجو - الموز - الأفوكادو) والموالح تتأثر بوجود عناصر معينة في منطقة الجذور ( كلوريد - بورون - صوديوم وغيرها ) حيث تتجمع هذه الأملاح أيضا خلال مدة من الزمن . وعند وصول تركيز أملاح الكلوريد في منطقة الجذور إلى الحد الأعلى يتعرض المحصول للضرر ، مما يتطلب عدم تجاوز هذا الحد . وتعالج مشكلة التسمم بالكلور مثلما تعالج مشكلة التملح.

طرق مواجهة مشكلة الملوحة نتيجة الري بمياه الصرف الصحي:

يمكن مواجهة مشكلة الملوحة باتخاذ عدة إجراءات منها :

1- مراقبة جودة مياه الري :
تؤدى متابعة تركيز الأملاح والعناصر الضارة في مياه الري إلى تحديد المشاكل ومعالجتها قبل استفحالها . كما أن فحص تركيز العناصر الغذائية في الري تؤدى إلى معرفة مدى الحاجة إلى التسميد من عدمه . ولو تم الفحص مرة واحدة في بداية موسم الري فان ذلك يمكن أن يقودنا إلى استنتاج خاطئ عن تركيز الأملاح والعناصر الضارة والعناصر الغذائية في مياه الري . لذا يوصى بإجراء الفحص عدة مرات.

2- تغيير نظام الري :
يؤدى التغيير في نظام الري ( الفترات - الكميات ) إلى تخفيف حدة مشكلة الملوحة وتأثيرها السلبي على المحصول.

3- الفواصل بين الريات :
تقل كمية المياه في التربة في الفترة ما بين ريه وأخرى ، نتيجة البخر من سطح التربة واستهلاك النباتات ، ونتيجة لذلك يزداد تركيز معظم الأملاح في محلول التربة بمنطقة الجذور. عندئذ يصعب على النبات بفعل الضغط الأسموزى استيعاب المياه ، وبالتالي يتعرض النبات للعطش . ولتقليل مدة العطش وشدته يوصى عند استخدام مياه الصرف الصحي أن تتم المحافظة على محتوى عال من الرطوبة الأرضية في منطقة الجذور خلال موسم الري . كما يتم تقليل الفترات الزمنية بين الريات في التربة الخفيفة أو جيدة الصرف أكثر مما هو متبع عند ريها بمياه عذبة.

ومن الجدير بالذكر أن الري المكثف أكثر من اللازم (ري بكميات مياه قليلة نسبيا على فترات قصيرة ) يمكن أن يؤدى إلى التملح ؛ بسبب العجز في إبعاد الأملاح من منطقة الجذور إضافة إلى البخر من سطح التربة.

أما في التربة الثقيلة أو التربة رديئة الصرف فانه يجب التفكير والحذر قبل أن نقرر تقليل الفترات الزمنية بين الريات خشبية أن يؤدى ذلك إلى رداءة التهوية لفترات طويلة نسبيا خلال دورة الري.

4- كمية المياه وغسيل الأملاح :
يجب غسل التربة خلال فترة زمنية محددة أو بصورة مستمرة ؛ للتخلص من الأملاح المتراكمة في التربة بمنطقة الجذور.

حيث يتم في الحالة الأولى غسل التربة بالماء مرة كل فترة محددة حسب نتائج تحليل التربة ، أو متابعة الوضع عن طريق مضخة محاليل التربة ؛ للوقوف على مدى تجاوز كمية المياه لاحتياجات النبات.

أما في الحالة الثانية فان غسل التربة بصورة مستمرة يتم عن طريق الري بكميات زائدة من المياه للمحافظة على تركيز خفيف من الأملاح طوال موسم الري .

وعند اختيار طريقة الغسيل يجب مراعاة ما يلي:

  •  تركيز نسبة الأملاح في مياه الري.
  •  ماهية الحد الأعلى للملوحة الذي يتضرر به النبات بصورة محسوسة.
  •  التركيب الميكانيكي للتربة ومدى تصريفه للمياه.
  •  طريقة الري.
  •  الفترة الزمنية بين الريات.

5- ضبط الري والملوحة :
عند استخدام مياه الصرف الصحي في ري البساتين تزداد أهمية مراقبة وضبط الري والملوحة . لذا يوصى باستخدام مقاييس الرطوبة (التنشيومترات) حيث توضع في منطقة الجذور الشعرية الماصة وفى أسلفها ؛ من أجل ضبط الري.

كما يتم تحديد الفترات الزمنية بين الريات بناء على تغيير ضغط تماسك الماء في منطقة الجذور ، وعن طريق التنشيومتر الموجود في الجانب السفلى لمنطقة الجذور يتم تجنب الري الزائد ومراقبة عملية الغسيل.

كما يجب متابعة أوضاع ملوحة التربة عن طريق تحليل التربة ، واستخدام أجهزة حقلية لفحص الملوحة ، أو الاستعانة بمضخات سحب المحاليل لفحص التربة وذلك في فترة محددة وبصورة منتظمة ؛ من أجل متابعة وجود ظروف الجفاف وفاعلية الغسيل.

تراكم الصوديوم في التربة وتأثيره على خواصها:

يصل الصوديوم إلى مياه الصرف الصحي من خلال الاستخدام المنزلي للمياه ( مواد التنظيف والمواد الكيماوية المستعملة لأغراض متعددة ) ، وعن طريق الاستخدامات الصناعية (تصنيع اللحوم وعصر الزيتون وتقشير ثمار الموالح وتنظيف الأواني والأدوات وإنتاج مواد التنظيف وغيره ).

كما يختلف تركيز الصوديوم الناتج من الاستخدامات الصناعية في مياه الصرف الصحي (المجارى) التي عوملت (خلال التكرير والتنقية ) طبقا لنسبة مزج هذه المياه ومياه الصرف التي تصل من المنازل وأماكن السكن . فعندما يصل الصوديوم بتركيز مرتفع نسبيا إلى مجمع التكرير والتنقية في كمية صغيرة نسبيا من مياه الصرف ، فان ذلك سوف يؤدى إلى ارتفاع تركيز الصوديوم في المياه المكررة المعدة لري المحاصيل الزراعية ، وبالتالي يلحق الضرر بالتربة وبالنباتات.

ويؤدى تراكم الصوديوم في التربة إلى المساس بخصائص انتقال المياه منها ، حيث إن تغلغل مياه الري أو المطر في التربة ، وعدم سلامة حركة المياه فيها يؤدى إلى مشاكل في تصريف المياه وتهوية التربة . والضرر الناتج من ذلك سوف يزيد الضرر المباشر على المحصول نتيجة امتصاص الصوديوم من قبل النبات.

وبجانب الأثر الضار للصوديوم الموجود في مياه الصرف على خصائص التربة فان هناك أيضا أثرا ايجابيا نتيجة وجود أيونات الكالسيوم والماغنسيوم في مياه الصرف الصحي.
ونسبة وجود الصوديوم مقارنة بالكالسيوم والماغنسيوم هى التي تقرر مدى ملائمة مياه الصرف الصحي للاستخدامات الزراعية.

لذا فمن المهم إجراء فحوص منتظمة لمياه الصرف الصحي لتحديد مدى جودتها وملاءمتها لري المحاصيل الزراعية ، كما يجب استشارة المتخصصين فيما يتعلق بالتركيز الضار للصوديوم ، وكيفية معالجة التربة الملوثة به.

 المصدر:

  • مجلة شمس / العدد 29
  • Currently 843/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
308 تصويتات / 24146 مشاهدة
نشرت فى 30 ديسمبر 2008 بواسطة aradina

تسجيل الدخول

ابحث

عدد زيارات الموقع

30,317,736

الشعاب المرجانية