من المعروف أن حياة نبات الموز تنتهي بعد أن يعطي محصولاً واحدًا ولهذا يعتمد استمرار الإنتاج في مزرعة الموز في المواسم التالية على أجيال متعاقبة من الخلفات، التي تتكون من البراعم الجانبية على كومة الأم بكل جيل. ولما كان خروج الخلفات يحدث تباعًا طول حياة نبات الأم وبأعداد متفاوتة تبعًا لحجم النبات الأم وخصوبة التربة – فإن الإبقاء على جميع هذه الخلفات لتنمو وتثمر يجعل المنافسة فيها شديدة على متطلبات النمو في حيز محدود، مما يؤدي إلى إضعاف نموها وإزهارها فيقل محصولها، فضلاً عن توزيعه على مدار أشهر السنة؛ لذا كان من الضروري تحديد عدد ما يترك من خلفات حول الأم بكل موسم وإزالة الباقي، حتى تتاح أفضل الظروف للنمو والإنتاج ويتم انتخاب الخلفات التي تربى حول الأم في ميعاد يسمح باكتمال نمو الثمار خلال فترة تسود فيها ظروف بيئية تنتج إثمارًا وافرًا وخصائص جودة ممتازة، وفي وقت يمكن فيه تسويق المحصول بأسعار مجزية. ويتحدد الميعاد المناسب لانتخاب الخلفات على أساس أن الخلفة تحتاج عادة مدة تتراوح ما بين 8 – 10 شهور من بدء ظهورها حتى بدأ تكوين الأزهار على العنقود الزهري، العنقود الزهري مدة ما بين 2 – 3 شهور حتى يظهر ويخرج من قمة النبات، وتتراوح المدة من وقت خروج العنقود الزهري حتى تمام تكوين الثمار ما بين 3: 5 شهور.
ويتركز الإزهار تحت الظروف المصرية في أربعة مواسم هي:
- أزهار الشتاء: وهو نادر الحدوث، وتعمل برودة الشتاء على إعاقته، كما تتلف أزهاره، وتشوه ما قد ينتج من ثمار.
- إزهار الربيع: حيث تزهر النباتات خلال شهري مارس وأبريل، وتعطي محصولاً خلال شهري يوليو وأغسطس، ومحصول هذا الموسم إثماره قليل ردئ الصفات، وأسعاره منخفضة نظرًا لظهوره في موسم غير مناسب، حيث تنافسه فاكهة الصيف المتنوعة. وترجع رداءة صفات إثمار هذه النباتات إلى تعرضها خلال فصل الشتاء لفعل الرياح والصقيع، مما يقلل من طاقتها في تكوين الغذاء اللازم للثمار النامية، بالإضافة إلى أن نمو الثمار في هذا الموسم يتم معظمه صيفًا (خلال أشهر مايو ويونيو ويوليو) في ظروف جوية غير مناسبة من ارتفاع درجة الحرارة وانخفاض الرطوبة الجوية.
- أزهار الصيف: ويطلق عليه تزهير النقطة وفيه تزهر النباتات خلال شهري يونيو ويوليو وهو أفضل من أزهار الربيع ولكن لا يضاهي إزهار الخريف.
- أزهار الخريف (النيلي): ويتركز فيه التزهير أساسًا خلال شهري أغسطس وسبتمبر، وهو أفضل مواسم الإزهار في مصر لملائمة الظروف الجوية من حرارة ورطوبة جوية خلال هذه الفترة، علاوة على أن إزهار هذا الموسم تنمو فيه الثمار خلال أشهر الخريف، حيث تتوفر فيه الحرارة والرطوبة الجوية، بالإضافة إلى أن الأوراق الموجودة على النباتات في تلك الفترة ذات كفاءة عالية في تكوين الغذاء، حيث إن هذه الأوراق تكونت في الربيع، ولم تتعرض للتمزق أو الجفاف، مما يحقق إثمارًا وافرًا ذا خصائص وجودة ممتازة، وتصل سبائط هذا الموسم إلى صلاحيتها للقطع خلال الفترة من نوفمبر حتى يناير. وعمومًا تعد الفترة من منتصف شهر أكتوبر حتى أواخر شهر يناير هي أفضل موسم لتسويق محصول الموز بأسعار مجزية، وعلى ذلك فمن الواجب أن تنتخب الخلفات التي يتيح ميعاد خروجها حول الأمهات أن تزهر خلال الفترة من يوليو حتى آخر سبتمبر.
ويمكن تحقيق ذلك بإتباع خطوات التربية والانتخاب الآتية:
1- بالنسبة للسنة الأولى للزراعة:
تتم عملية التربية تبعًا لنوع الشتلة المنزرعة كالآتي:
(أ) في حالة الزراعة بشتلات تقليدية:
يبدأ ظهور البزوز الصغيرة حول الأم بعد حوالي شهرين من الزراعة، حيث تترك هذه البزوز حتى شهر يوليو، وخلاف هذا الشهر تتم التربية والانتخاب، حيث ينتخب ثلاث خلفات حول الأم في حالة الزراعات الواسعة، أو خلفة واحدة حول الأم في حالة الزراعات الضيقة.
(ب) في حالة الزراعة بشتلات ناتج زراعة الأنسجة:
يبدأ ظهور البزوز الصغيرة حول الأم بعد حوالي شهر من الزراعة، ويتوالى ظهور الخلفات حتى نهاية شهر يونيو، حيث يتم إزالة جميع البزوز التي ظهرت قبل هذا التاريخ، ثم تظهر بعد ذلك بزوز خلال شهر يوليو، تترك هذه البزوز ليتم ترتيبها والانتخاب منها خلال شهر أغسطس، ويتم انتخاب من 1 – 3 خلفات حسب مسافة الزراعة المتبعة.
2- بالنسبة للسنة الثانية وما بعدها:
تضم كل جورة من 2 – 3 نباتات كبيرة (خلفة أولى) والتي قد سبق انتخابها من العام السابق، وذلك في حالة الزراعات الواسعة، ونباتًا واحدًا لكل جورة في حالة الزراعات الضيقة. بداية من شهر مارس تبدأ هذه النباتات في إخراج بزوز كثيرة حولها بغير نظام؛ لذلك تزال جميع هذه البزوز التي تظهر حتى نهاية شهر أبريل، على أن تترك أي بزوز تخرج حول الأم بعد ذلك، بحيث يتم تربية وانتخاب هذه البزوز خلال شهر يونيو بالنسبة لأراضي الوادي التي تروى غمرًا، وخلال شهر يوليو بالنسبة للأراضي الرملية التي تروى بنظام التنقيط، وذلك بالنسبة لمناطق الوجه البحري. أما بالنسبة لمناطق الوجه القبلي فيتم تأخير ترتيبها شهرًا، حيث إن هذه الخلفات تعطي إزهارًا مناسبًا خلال شهري يوليو وأغسطس من العام التالي ويمكن جمع محصولاتها خلال شهري ديسمبر ويناير.
وعمومًا يجب مراعاة الآتي عند تربية وانتخاب الخلفات:
- يجب أن تكون البزوز المنتجة موزعة توزيعًا منتظمًا حول الأمهات، ونامية على مسافات متساوية من بعضها بقدر الإمكان، وقريبة من الأم وغير ملتصقة بها.
- تزال جميع البزور التي تظهر في وسط الجورة في السنة الثانية وما يليها.
- عدم انتخاب البزور التي تخرج من الكورمات القديمة للنباتات التي سبق إثمارها، والتي تعرف بالخلفات المائية، وهي نباتات ذات أوراق عريضة.
- في حالة الزراعة في العروة النيلية، والتي تزرع بشتلات ناتج زراعة الأنسجة – يتم التربية والانتخاب من البروز التي تظهر حول الأم مباشرة، مع الاهتمام بالتسميد الأزوتي؛ للحصول على نمو خضري قوي قبل دخول النباتات فترة الشتاء.
- يجب ملاحظة سرعة نمو النباتات أثناء التربية فإذا وجد أن النمو قويًا جدًا (وهذا يحدث في الأرض عالية الخصوبة مع المغالاة في التسميد) والذي يؤدي إلى التبكير في التزهير عن الموعد المناسب، ففي هذه الحالة يجب زيادة عدد النباتات المرباة في الجورة، مع عدم المغالاة في التسميد، أما إذا وجد أن نمو النباتات ضعيف، وبالتالي سيتأخر إزهارها إلى الشتاء، فتتأثر الأزهار والثمار بالبرد، مما يؤدي لتلفها لذلك يجب الإسراع على تزهير مثل هذه النباتات في الوقت المناسب، ويتم ذلك بتقليل عدد النباتات المرباة في الجورة، مع العناية بالتسميد والري.
المصدر:
- مجلة شمس العدد 91 يوليو - أغسطس 2008
- أ. د/ محمد محمد سعد (معهد بحوث البساتين)