التفريخ الصناعي لبيض النعام
العوامل التي تؤخذ في الاعتبار قبل عملية التفريخ
تعتبر عملية التفريخ من إحدى العمليات الرئيسية التي تتم في مزارع الدواجن بصفة عامة و في مزارع النعام بصفة خاصة, ومما لا شك فيه أن النجاح في هذه العملية سيترتب عليه في النهاية زيادة هامش الربح الذي يحصل عليه المربي.
و قبل الخوض في موضوع التفريخ لا بد أن نتحدث عن بعض العوامل والاعتبارات التي تؤخذ في الحسبان قبل البدء في عملية التفريخ الصناعي لبيض النعام. و هذه العوامل من الأهمية بمكان والتي تؤثر بدرجة كبيرة على نجاح عملية التفريخ بعد ذلك, سواء كانت هذه العوامل متعلقة بقطيع الآباء الذي يتم تربيته أو متعلقة بالبيض الذي سيتم تفريخه أو متعلقة بالظروف التي يتعرض لها البيض أثناء جمعه و تداوله و تطهيره و تخزينه.
وفيما يلي توضيحا لهذه العوامل:
أولا : العوامل المتعلقة بقطيع الآباء:
(1) عمر الأنثى:
في الدجاج البياض نزداد نسبة الفقس بعد الأسابيع الأولى من الإنتاج في الموسم الأول لوضع البيض ثم تصل نسبة الفقس إلى قمتها ثم تقل ببطء بعد ذلك, و تنخفض نسبة الفقس مع التقدم في العمر و ذلك عند نهاية الموسم الأول.
أما في النعام, فلم يظهر حتى الآن أي انخفاض في نسبة الفقس مع التقدم في عمر الأنثى , ولقد بينت نتائج إحدى الدراسات التي قامت بها Kim Bunter وآخرون عام 2001 أن نسبة الفقس قد ازدادت مع التقدم في عمر إناث النعام وأن أعلى نسبة فقس قد تم الحصول عليها عندما كان عمر الإناث يتراوح بين 7 و 11 سنة ثم انخفضت بعدها نسبة الفقس بعد ذلك, كذلك فقد وجدت نفس الباحثة أن الإناث التي يكون عمرها سنتين تكون ذات نسبة فقس منخفضة.
و مع ذلك فالدراسات في هذه النقطة ما زالت تحتاج إلى المزيد لكي يمكن الوقوف بدقة على مدى تأثير عمر الأنثى على نسبة الفقس و بالتالي تحديد مدى إمكانية تربية الإناث إلي أي عمر بالمزرعة.
(2) العوامل الوراثية:
تعتبر صفة الفقس من الصفات ذات المكافئ الوراثي المنخفض و نعني بذلك أن تأثير العوامل البيئية أكثر من تأثير العوامل الوراثية على هذه الصفة, ولذلك فمن المناسب والأفضل لإجراء تحسين و رفع نسبة الفقس أن يتم توفير و تحسين الظروف و العوامل البيئية المحيطة بالطائر و البيض منذ وضعه و جمعه و تخزينه ووضعه في المفرخات و المفاقس.
هذا و مع الأخذ في الاعتبار أنه يجب تجنب اتباع التربية الداخلية ( تربية الأقارب أو تزاوج أفراد ذات صلة قرابة أو نسب مع بعضها البعض) مع اتباع برنامج لتزاوج الأباعد أو التي لا توجد بينها صلة نسب أو قرابة, وهذا بالتالي سوف يتطلب وجود سجلات جيدة و دقيقة يتم فيها تسجيل نسب و قرابة الطيور لبغضها البعض مع تسجيل كل ما يتعلق بالطيور من بيانات مثل أوزانها ومعدلات نموها على فترات دورية و معدلات الإنتاج و نسب الخصوبة والفقس ومعدلات النفوق والأمراض والأدوية المختلفة وكذلك العلائق ومعدلات استهلاكها وغيرها من البيانات التي يلزم وجودها, وللعلم فلم يسجل الباحث Hermes عام 1989 في بحث أجراه وجود أي عوامل مميتة بالنعام.
(3) التغذية :
يؤدي نقص أي عنصر غذائي في علائق الطيور البياضة إلي نقص وجوده فى البيضة, مما يؤثر في النهاية على نسبة الفقس أو حدوث تشوهات للأجنة. وفي دراسة أجريت على محتوي بيض النعام من العناصر الغذائية وجد أنها تماثل تركيب بيض الدجاج في معظم العناصر الغذائية على أساس نسبى, ولكن وجد أن كلا من فيتامين هـ و عنصر المنجنيز مستواهما منخفض في بيض النعام عن بيض الدجاج بينما وجد أن عنصر السيلينيوم أعلى في بيض النعام عن بيض الدجاج على أساس نسبي.
وعلى هذا يجب الاهتمام بتوفير جميع العناصر الغذائية وبنسب كافية في العليقة وبصورة يمكن الاستفادة منها لضمان تواجدها البيض بالقدر الكافي لنمو وتطور الجنين بصورة سليمة و عدم حدوث أي نقص في نسبة الفقس و عدم وجود تشوهات في الكتاكيت الفاقسة.
(4) العوامل البيئية:
تعتبر الحرارة من أكثر العوامل البيئية تأثيرا على نسبة الفقس في بيض النعام, فالحرارة العالية تعمل على نقص نسبة الخصوبة و بالتالي نسبة الفقس, كذلك تؤدى الحرارة العالية إلي نقص في وزن البيضة و نقص في محتوياتها الداخلية و سوف يتبع ذلك انخفاض جودة البيض ونسبة الفقس.
ويزداد تأثير الحرارة العالية خاصة إذا ما اقترنت بارتفاع نسبة الرطوبة والتي تؤدى لحدوث مشاكل كبيرة لقطعان التربية وسوف يؤثر ذلك بالتبعية على نسبة الفقس.
ولذلك من المفروض والضروري عمل مظلات فوق الطيور لتحميها من أشعة الشمس و حرارتها مع زراعة أشجار حول المزرعة لتلطيف درجة الحرارة مع مراعاة تقديم العلف في الأوقات الباردة من اليوم في فصل الصيف مثل الصباح الباكر و بعد العصر بالإضافة إلي تقديم الماء و تغييره بصورة مستمرة طول اليوم مع وضعه في مكان مظلل.
ثانيا: العوامل المتعلقة بالبيض:
(1) حجم البيض:
تبعا للدراسات التي أجراها كلا من Deeming, 1994 وButton وأخرون عام 1994 فقد أظهرت النتائج أن حجم البيض يؤثر تأثيرا معنويا علي نسبة الفقس, وقد وجد أن البيض الكبير جدا في الحجم وكذلك الصغير جدا قد أعطيا نسبة فقس منخفضة مع وجود بعض الأجنة الميتة في البيض. كما قد بين الباحث الأول أن البيض الذي يزن أعلي من 1600 جرام يعطى 50% نسبة فقس بالمقارنة ب 70-78% للبيض الذي يزن من 1100 إلي 1400 جرام, وقد تم إرجاع ذلك إلي انخفاض النسبة بين مساحة سطح البيضة إلي حجمها حيث يحدث مشاكل فى التبادل الغازي والحراري مع زيادة حجم البيض, بالإضافة إلي ذلك فإن مدة التفريخ تزداد قليلا مع زيادة حجم البيض.
(2) مسامية قشرة البيضة:
وظيفة المسام في قشرة البيض هي فقد الماء وحدوث التبادل الغازي والحراري, و مسامية قشرة البيض لها تأثير معنوي على نسبة الفقس في بيض النعام, فقشرة البيض ذات المسام الكثيرة سوف تفقد كميات كبيرة من الماء ويحدث جفاف للأجنة, أما البيض ذو المسام القليلة في القشرة, فسوف تفقد كميات قليلة من الماء وبالتالي من الممكن حدوث أوديما Odema في أجنة بيض النعام والتي تجعل فرصة الفقس لهذه الأجنة ضعيفة و بالتالي انخفاض نسبة الفقس, بالإضافة إلي ذلك فإن هذه الأجنة (الموجودة في البيض قليل المسام) سوف تواجه مشكلة كبيرة و هي انخفاض كفاءة عملية التنفس و التبادل الغازي, حيث ستعاني الأجنة من نقص الأكسوجين (O2) في الوقت الذي يزداد فيه الاحتياج للأكسوجين قرب الفقس.
ومن ناحية أخري, فإن البيض كثير المسام جدا في القشرة, فإن طبقة الكيوتيكل Cuticle التي تغطى قشرة البيضة به تكون ضعيفة وبالتالي تقل قدرتها علي منع انتقال الكائنات الدقيقة إلى داخل البيض فتزداد العدوى وتقل نسبة الفقس. و يمكن التحكم في الفقد في وزن البيض أثناء التفريخ (عن طريق فقد الرطوبة) بتغيير رطوبة المفرخ لتحقيق النسبة المثلي للفقد وهي في المتوسط 15% أثناء تفريخ بيض النعام.
(3) محتوي البيض من العناصر الغذائية:
يؤثر محتوي الألبومين (البياض) علي نسبة الفقس المتحصل عليها, فمع زيادة وزن البياض و خاصة السميك منه يؤدي ذلك إلي انخفاض نسبة الفقس, ولهذا فإن البيض الكبير في الحجم يحتوي على بياض أكثر وهذا من الممكن أن يؤدي إلى انخفاض نسبة الفقس في البيض الكبير الحجم.
كذلك فإن حدوث نقص في أي عنصر غذائي سوف يؤدي إلي حدوث نفوق أو تشوهات في الأجنة و تقليل نسبة الفقس وهذا النقص الذي يحدث في العناصر الغذائية المتواجدة في البيض يرجع أساسا للنقص في علائق الأمهات من هذه العناصر الغذائية أو لعدم امتصاها جيدا داخل جسم الأنثى أو لم تنتقل من الأمهات إلى البيض كنتيجة لعيوب وراثية.
ومن العوامل التي تسبب نقص لعنصر غذائي في البيضة وجود السموم فى العلائق, وكذلك فإن ارتفاع مستوي عنصر معين عن اللازم قد يسبب عدم الامتصاص الجيد لعنصر أخر.
وفي هذا الإطار فإنه يجب التنويه بأن هناك بعض الفيتامينات و المعادن والأحماض التي يؤدي نقصها إلي التأثير بشكل كبير علي نسبة الفقس في بيض النعام وهذه تشمل كلا من فيتامينات A, E, الريبوفلافين, البانتوثينيك أسيد Pantothenic acid, الفوليك أسيد Folic acid, وكذلك المنجنيز, السيلينيوم وحامض اللينوليك Linoleic acid و يؤدي نقص أي منها إلي حدوث نفوق في الأجنة أو حدوث تشوهات للأجنة في مراحل مختلفة من التطور الجنيني, أيضا فإن عنصر الكالسيوم و فيتامين D ضروريان للحصول على جودة قشرة جيدة و النقص في أي منهما سوف يؤدي إلى انخفاض نسبة الفقس عن طريق زيادة مسامية القشرة و بالتالي جفاف الأجنة مع حدوث نقص في تطور عظام الأجنة, ومع كل هذا فإن القليل جدا هو الذي نعرفه ليوم عن تأثير النقص في العناصر الغذائية علي نسبة الفقس في بيض النعام. ولهذا فإنه لا بد من زيادة الأبحاث والدراسات التي تجري في هذا الشأن لتحديد أفضل مستويات العناصر الغذائية اللازمة و الضرورية للحصول على إنتاج عالي من النعام, وأنه لا لأصحاب المزارع من مساعدة الهيئات البحثية و الجامعات و التعاون معهم علي إجراء البحوث اللازمة من أجل تطوير و تنمية صناعة النعام.
(4) جودة ألبومين البيض:
كما ذكرنا سابقا فإن محتوي البيضة من الألبومين (البياض) يؤثر بشكل كبير علي نسبة الفقس, فالبيض الطازج و البيض الذي تضعه الإناث الصغيرة في العمر وفي بداية إنتاجها أو في بداية الموسم ذات ألبومين سميك (ذو لزوجة عالية) وهذا يعمل علي منع أو عدم سهولة انتقال الأكسوجين إلي الأجنة في بداية عملية التفريخ مما يؤدي في النهاية إلي نفوق الأجنة و انخفاض نسبة الفقس, كذلك يقل الفقد في وزن البيض Egg weight loss عندما يحتوي البيض علي بياض سميك.
كما تعتبر درجة الأس الهيدروجيني (PH) للألبومين عاملا مهما للتأثير علي نسبة الفقس, فالبيض حديث الوضع له درجة pH = 7 و عند تحلل الألبومين و مع فقد الماء يصل pH إلي 9-9.5, والارتفاع السريع و الشديد في درجة الأس الهيدروجيني و الذي من الممكن أن يحدث أثناء تخزين البيض وخاصة في البض ذو الجودة المنخفضة من الممكن أن يسبب نفوق الأجنة و يتبعه خفض نسبة الفقس.
التفريخ الطبيعي لبيض النعام
يعتبر التفريخ حجر الأساس و أحد الأعمال الرئيسية التي تتم في مزارع الدواجن ومنها مزارع النعام. والتفريخ ليس علما أو عملا حديثا, فقد تم إجراءه بواسطة المصريون والصينيون القدماء قبل ميلاد المسيح عليه السلام.
وعلى أساس نسبة التفريخ أو الفقس (Hatchability) يتحدد مدى الإنتاج والعائد الذي يمكن الحصول عليه في المزارع, كما أن نسبة الفقس تعتبر أحد العوامل الهامة التي تساعد على انتشار تربية النعام.
وما نعرفه اليوم عن تفريخ بيض النعام مازال قليلا جدا ولا يزال يوجد الكثير والكثير الذي نجهله ولا نعلمه عن تفريخ يبض النعام, لذا لا بد من تكثيف الأبحاث اللازمة لدراسة جميع العوامل المؤثرة على نجاح تفريخ بيض النعام ضمانا للحصول على نسبة فقس عالية وبالتالي زيادة انتشار مثل هذه الصناعة المربحة, مع تقديم كل العون من قبل أصحاب المزارع للباحثين لكي يساعدوهم على تحقيق أفضل النتائج.
يعرف التفريخ (Incubation): بأنه الحصول على أفراخ جديدة نتيجة تزاوج الأباء والأمهات لإنتاج بيض مخصب (أي به أجنـة) ثم المحافظة على حيوية هذا الجنين بعد وضع البيضة وإتاحة الفرصة له كي يستكمل نموه خلال فترة التفريخ ويفقس ليعطي كتكوت سليم. كما يمكن تعريف التفريخ على أنه توفير جميع الظروف الطبيعية الملائمة (حرارة – رطوبة – تهوية – تقليب و غيرها) واللازمة لنمو الأجنة في البيض المخصب الناتج عن تزاوج ناجح طول مدة ا لتفريخ. و تختلف مدة التفريخ باختلاف الأنواع الداجنة وهي في النعام يصل متوسطها إلى 42 يوما, أي ضعف مدة التفريخ في الدجاج التي تصل فيه مدة التفريخ إلى 21 يوما.
والتفريخ إما أن يتم طبيعيا (بواسطة طيور النعام – كما يحدث في البيئة البرية والطبيعية) أو صناعيا باستخدام الماكينات الآلية ذات السعات والأحجام المختلفة. وعلى الرغم من أن كل المزارع حاليا تقوم بتفريخ بيض النعام صناعيا, إلا أنه يجب إعطاء فكرة عما يتم في الحياة البرية من طيور النعام تجاه البيض خلال فترة التفريخ. كما أنه حتى الآن لم يتم الحصول على نسبة فقس عالية كما هو الحال في التفريخ الطبيعي (Bertram, 1992), فمتوسط نسبة الفقس (Hatchability) لبيض النعام في 3 أعشاش برية في كينيا كانت تتراوح بين 86.80 – 100% بالرغم من أن نسبة الفقس كان متوسطها حوالي 50% في حالة التفريخ الصناعي.
الأعشاش ووضع البيض:-
يقوم النعام عادة بعمل أعشاش البيض في أماكن و بيئات متعددة, فالأعشاش إما أن تكون في الغابات والمراعي أو في السهول أو المناطق العشبية أو مسارات الأنهار الجافة, وكذلك المناطق المكشوفة أو المفتوحة. والعش عادة ما يكون بسيطا و سطحيا ذا حفرة بسيطة خاليا من أي بطانة أو فرش, وفي الغالب يتم عمله بواسطة الذكر (قد تساعده الأنثى في بعض الأحيان) وتقريبا يقع في منتصف الحظيرة أو المضمار الذي يعيش فيه الذكر, وقد يستخدم العش لعدة سنوات متتالية ما لم تحدث أي كوارث بيئية أو أي مشاكل أخري.
و يختلف وقت وضع البيض والرقاد عليه حسب المنطقة الجغرافية, فمثلا في دولة زيمبابوي يتم وضع البيض في الفترة الممتدة من شعر يونيو (حزيران) و حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) وذلك على الرغم من وجود الأعشاش على مدار العام. أما في ناميبيا, فتقوم الطيور بعمل الأعشاش ووضع البيض في الفترة من أغسطس (آب) وحتى أكتوبر (تشرين الأول), ومن الملاحظ أن موسم وضع البيض يتأثر بالفترة الضوئية التي يتعرض لها النعام كما هو الحال في باقي أنواع الدواجن المختلفة.
تبدأ الأنثى الرئيسية (Major hen) بوضع البيض في العش الذي يصنعه الذكر, بالإضافة إلى أن معظم البيض الموجود في العش عادة ما يكون من إنتاجها وتقوم الإناث الثانوية (Minor hen) بوضع بيضها أيضا في هذا العش. و عادة ما يتم وضع البيض بعد العصر أو قبل المساء.
وتضع الأنثى الرئيسية من 8 – 14 بيضة في العش على الرغم من أن حجم سلسلة وضع البيض (Clutch size) قد يصل إلى 16 – 36 بيضة, وليس كل البيض الذي يوضع يتم تفريخه, فالأنثى ترقد على حوالي 20 بيضة فقط في المتوسط, وقد تستبعد الأنثى عددا من البيض ا لذي سيتم تفريخه. وقد ذكر أحد الباحثين أن الأنثى الرئيسية تستطيع التمييز أو التعرف على البيض الذي تضعه من البيض الذي تضعه الإناث الأخرى, وقد ذكر هذا الباحث أيضا أن هذا البيض عادة ما يكن طريقه للأعداء الطبيعية.
والأنثى الغالبة أو الرئيسية تقوم برعاية و حماية العش حيث تمكث بجواره طوال الوقت وخاصة في الأسابيع الأولي من وضع البيض, وتمكث الأنثى بجوار البيض طوال النهار والذكر يمكث بجواره طوال الليل, ولكن بعد 21 يوما من وضع البيض يتم ترك العش لبعض الفترات بدون حماية وهذا يعرضه للمهاجمة من قبل الأعداء الطبيعية. فلقد وجد Bertram, 1992 أنه من كل 53 عش عند وضع البيض فإن 22 (42.5%) فقط هي التي وصلت إلى فترة التفريخ الكاملة بدون فقد. كما ذكر الباحثون أن من المشاكل التي تواجه البيض في هذه الأعشاش هو التعرض المستمر لأشعة الشمس التي تسبب ارتفاع درجة حرارة سطح ا لبيض إلى 45 درجة مئوية في منتصف اليوم بينما تصل درجة حرارة البيضة الداخلية إلى أعلى من 40 درجة مئوية, هذا في البيض الأبيض القشرة, أما في البيض المزركش باللون البني فتصل درجة الحرارة إلى أعلى من درجة حرارة البيض الأبيض القشرة بحوالي 3.5 درجة مئوية.
وعلى الرغم من أن اللون الفاتح للبيض ولمعان قشرته والتي تجعلها واضحة لبعض الأعداء مثل النسر المصري (Egyptian vulture) فإن قشرة البيض الأبيض تستطيع أن ت عكس حوالي 98% من الأشعة البنفسجية وفوق البنفسجية التي تقلل من نفاذ الحرارة إلى داخل البيض, ومع ذلك لم يلاحظ Bertram, 1992 وجود أي أجنة نامية عند بداية التفريخ في البيض الذي تعرض للشمس لمدة 15 يوما فأكثر والذي تم تركه في العش بدون رعاية من الأباء.
وخلال الفترة من وضع البيض و حتى تفريخه, تفقد البيضة حوالي 2.88 جرام في اليوم من وزنها. بمعنى أنه بالنسبة للبيضة ذات وزن 1500 جرام والموضوعة في أول سلسلة وضع البيض فإنها تفقد حوالي 4% من وزنها حتى بداية عملية التفريخ و الرقاد على البيض.
تفريخ البيض والرقاد عليه:-
يقوم كلا الأبوين بحضانة وتفريخ البيض, فالأنثى تقوم بالرقاد على ا لبيض و حضانته خلال فترة النهار, بينما يرقد الذكر على البيض خلال فترة الليل, والأنثى ترقد على البيض يعد ساعتين من شروق الشمس حيث تعطي الفرصة للذكر للراحة ثم تترك البيض قبل الغروب ليرقد عليه الذكر طوال الليل, وبالتالي فالذكر هو الذي يرقد على البيض معظم الوقت (حوالي 61-70% من مدة التفريخ).
وقد قام العديد من الباحثين بدراسة درجة حرارة هواء العش ودرجة حرارة البيض خلال فترة التفريخ الطبيعي, وقد وجد أن درجة حرارة العش تتراوح بين 31.5 – 31.8 درجة مئوية, بينما كان متوسطها طول مدة التفريخ في دراسة أخري هي 36.1 درجة مئوية. كما وجد أن الذكور تحافظ على درجة حرارة العش أعلى كثيرا من الإناث.
أما بالنسبة لدرجة حرارة البيض فهي تختلف أيضا تبعا لكون البيض مخصبا أو غير مخصب وكذلك تبعا لمرحلة النمو للأجنة وكذلك مكان البيض تحت الطائر. فالبيضة المخصبة تختلف درجة حرارتها مع الوقت, فقد وجد من ا لدراسات التي أجريت أن درجة حرارة البيض المخصب ترتفع من أقل من 34 درجة مئوية عند بداية التفريخ و تزداد إلى 37 درجة مئوية مع زيادة نمو وتطور الأجنة بداخلها, بينما تظل درجة حرارة البيضة الغير مخصبة كما هي ثابتة لا تتغير. و يعود ارتفاع درجة حرارة البيض المخصب إلى زيادة إنتاج الحرارة بواسطة الأجنة كنتيجة لعمليات التمثيل الغذائي (Metabolic processes), هذا و تصل درجة حرارة البيضة إلى قمتها عندما يقترب الجنين من الفقس.
وفيما يتعلق بالرطوبة النسبية (Relative humidity) فقد قدرت بحوالي 41% وبمدى يتراوح بين 32 – 52% حيث تختلف تبعا لاختلاف الرطوبة النسبية في الهواء. وقد بينت الأبحاث أن الفقد في وزن البيض Egg weight loss يصل إلى 11- 13% في الأعشاش البرية Wild nests وبالإضافة إلى ذلك فهناك فقد قدره 3 – 4% من وزن البيض الذي يوضع مبكرا و خلال الفترة التي تسبق عملية حضانة وتفريخ البيض Pre-incubation period في الأعشاش البرية, و عليه فإن إجمالي الفقد في وزن البيض يصل إلى 16% تقريبا.
ولقد ركزت أو اقتصرت الدراسات والأبحاث السابقة والمتوفرة التي أجريت لدراسة الظروف الملائمة خلال التفريخ الطبيعي للبيض مثل الحرارة والرطوبة النسبية والفقد في وزن البيض, بينما كانت هناك عوامل أخري هامة مثل التبادل الغازي أثناء التفريخ و كذلك تقليب البيض لم يتم دراستها على نحو كاف, والدراسات التي أجريت لمعرفة استهلاك الأجنة للأكسجين خلال فترة التفريخ أكدت على أن استهلاك الأكسجين يزداد بدرجة واضحة حتى يصل لقمته عند 35 – 38 يوم من بدء عملية التفريخ ثم يقل حتى عملية النقر Piping . أما بالنسبة لتقليب البيض, فليست هناك معلومات تفصيلية عن عدد مرات تقليب البيض ولكن لوحظ أن الأباء تقوم بتقليب البيض عدة مرات يوميا وذلك حول المحور الطولي للبيضة Long axis إما بواسطة الرقبة و منقارها أو بتحريك جسمها وهي راقدة على البيض.
مدة التفريخ والفقس:-
يستمر التفريخ الطبيعي لمدة 42 – 43 يوما وقد تزيد 4 – 5 أيام عن هذا المعدل. وفي بعض الحالات يقدم الأباء المساعدة للكتاكيت للنقر الخارجي وذلك بكسر القشرة للمساعدة على الفقس.