يبدأ منتجو شتلات الفاكهة في إعداد المشاتل و تجهيزها استعدادا ً لإنتاج الفاكهة، سواء تم ذلك بالبذور كما في المانجو و الموالح و المشمش و الخوخ، أو بالعقل كما في العنب و الزيتون، و في جميع الأحوال يلزم لإنتاج شتلات ذات مواصفات جيدة.
إتباع بعض التوصيات الفنية مثل:
- اختيار أرض المشتل في منطقة خالية من المسببات المرضية ( أعفان الجذور و الذبول و النيماتودا) والآفات الحشرية (الحفار والدودة القارضة).
- خلو تربة المشتل و مياه الري من الملوحة و الحشائش.
- اختيار مواد إنتاج الشتلات (بذور - عقل) ذات مواصفات بستانية ممتازة و سليمة صحيا ً (خالية من أعراض الإصابة بالأمراض).
- إعطاء المعدلات السمادية اللازمة، بحيث تكون متكاملة و متوازنة في التوقيتات المناسبة.
- مكافحة الآفات المرضية و الحشرية أثناء وجود النباتات في المشتل.
- إجراء عمليات التطعيم بالطرق المناسبة و الصحيحة على الأصول المتوافقة؛ لضمان الحصول على نباتات مطعومة ذات صفات بستانية ممتازة، و مما لا شك فيه أن أساس نجاح بساتين الفاكهة هو اختيار شتلاتها منذ البداية.
و يواجه منتجو شتلات الفاكهة بالعديد من المشاكل المرضية التي تؤثر على الإنتاج كما و نوعا.
و أهم هذه المشاكل:
1. تعفن البذور و موت الأجنة:
تعتبر زراعة بذور الفاكهة المتعفنة أو المصابة - خاصة تلك التي لا يظهر عليها من الخارج أعراض دالة على الإصابة ، و التي ربما تحتمي داخل أغلفة خشبية ( المانجو - المشمش - الخوخ .... الخ ) - تعتبر أول مصدر لخسائر المشتل و تلوث التربة بالمسببات المرضية المختلفة ... كما أن زراعة البذور الضامرة ، أو التي ماتت الأجنة بها لسبب ما ( إصابة بأمراض أو حشرات ) ، أو تلك المخزنة لفترة طويلة أو المخزنة في ظروف من الرطوبة الزائدة و الحرارة المرتفعة ، أو تلك التي لم تخرج من طور السكون بعد - إلى نقص في عدد الشتلات ، أو الأصول الناتجة . و تتميز البذور المصابة بالأعفان بتغير لون الأغلفة الخارجية ، أو البذور الداخلية و ربما يتواجد ميسليوم الفطر أو جراثيمه أيضا . و للوقاية من هذا المرض يتم اختيار بذور سليمة فسيولوجية و خالية من الإصابة ، مع التخلص من الأغلفة الخشبية بحرص للإسراع في الإنبات -مع مراعاة معاملة البذور بالمبيدات الفطرية الموصى بها قبل الزراعة ؛ إما بتطهير البذرة Seed dressing ، أو نقعها في محاليل هذه المبيدات لفترة مناسبة Seed soaking ، مع إضافة المواد الناشرة اللاصقة اللازمة لزيادة كفاءة المبيدات المستخدمة ، و إطالة فترة تأثير المبيد.
و تعتبر عمليات خدمة المشتل كإضافة الأسمدة البلدية المتحللة ( الكمبوست النظيفة و الري باعتدال - عوامل هامة في الوقاية أيضا من هذا المرض.
2. الذبول و أعفان الجذور:
تصاب النباتات بعد ظهورها فوق سطح التربة بالعديد من المسببات المرضية الكامنة في التربة ( فطر - بكتريا - أكتينوميسيس ... الخ ) و تلعب إفرازات الجذور دورا هاما في جذب و إبعاد هذه المسببات عن منطقة الريزوسفير ... و سوف نتحدث هنا عن أمراض الذبول و أعفان الجذور الفطرية التي تسبب خسائر كبيرة في مشاتل الفاكهة.
عند زراعة بذور و عقل الفاكهة المختلفة لإنتاج الشتلات أو الأصول التي سيتم التطعيم عليها و إنباتها - يلاحظ تهدل و اصفرار الأوراق ، ثم سقوطها ، و بدء ظهور الجفاف على الأفرع ( النواشف ) ثم موت النبات في النهاية و سهولة اقتلاع النباتات المصابة ؛ نظرا لتحلل و انهيار المجموع الجذري ، و تسبب أمراض الذبول و أعفان الجذور عن مجموعة كبيرة من الفطريات تنتمي لأجناس و أنواع مختلفة مثل : الفيوزاريوم ، و الفرتيسليوم ، و الريزوكتونيا ، و الماكروفومينا ، و البتريوديبلوديا . و تعمل إصابة الجذور بالنيماتودا على زيادة نسبة الإصابة ، نتيجة لتسهيل دخول هذه الفطريات إلى داخل أوعية النبات ، عن طريق الجروح التي تحدثها بفمها الرمحى.
الذبول الفرتيسليومى هو الوحيد الذي يؤدى إلى اصفرار الأوراق و جفافها ، لكن مع عدم سقوطها من على النبات ، و تؤدى الإصابة بأمراض الذبول و أعفان الجذور إلى إعاقة وصول المياه للنبات ، و اختلال عمليات البناء الضوئي ، و بالتالي تدهور عمليات تكوين الغذاء و توزيعه على الأجزاء المختلفة للنبات . و تتميز الجذور المصابة - عند شقها طوليا ً أو عرضيا - بوجود تلون في الأوعية الداخلية نتيجة لإفراز التوكسينات الفطرية ، التي تختلف في ألوانها تبعا للفطر المسبب.
و تعتمد ميكانيكية حدوث الإصابة في أمراض الذبول أو أعفان الجذور على سد المسبب للأوعية بجسمه (الميسليوم الفطري ) و جراثيمه ، أو إفراز سموم ( توكسينات ) قاتلة للخلايا الحية ، أو حدوث الاثنين معا ً.
و لمكافحة أمراض الذبول و أعفان الجذور يتم ري منطقة الجذور المصابة بمحلول المواد التالية : توبسين إم ( 100 جم ) + ريزولك ثيرام ( 100 جم / 100 لتر ماء ) ، أو بنليت ( 150 جم ) + فيتافكس ثيرام ( 100 جم ) / 100 لتر ماء.
على أن تتم معاملة الجذور و الأرض بها بنسبة مناسبة من الرطوبة الأرضية، وتكرر المعاملة بعد 10 أيام إن لزم الأمر ، و تعتبر فرصة شفاء النباتات كبيرة إذا تمت المعاملة قبل دخول النباتات لمرحلة الذبول النهائي ، لأنه في هذه الحالة لن تجدي المعاملة.
3. البياض الدقيقي :
يعتبر البياض الدقيقي أحد الأمراض المؤثرة اقتصاديا و الهامة بالمشتل ، حيث تظهر أعراضه في صورة بقع عليها مسحوق دقيقي أبيض اللون ، يتحول فيما بعد لألوان مختلفة تبعا للفطريات و الكائنات الأخرى المتطفلة على الميسليوم الفطري ... و يصيب البياض كل أجزاء النبات فوق سطح الأرض ( الأوراق - الساق - الأفرع - المحاليق ) و يتقدم الإصابة تموت أنسجة المناطق المصابة ، و تتحول إلى اللون البني ، و ربما يسقط وسط البقع المصابة مسببا ً تثقب عند شدة هبوب الرياح.
وتتميز فطريات البياض الدقيقي بتخصصها على عوائلها ففي حين يصيب الفطر Uncinula necator شتلات العنب - نجد أن الفطر Oidium manigefera هو الفطر المتخصص على المانجو ، و للوقاية من هذا المرض يراعى عدم زيادة التسميد النيتروجينى ؛ لمنع غضاضة الأنسجة مما يسهل اختراق الفطر لبشرة الأعضاء النباتية المصابة و العناية بتنظيم و اعتدال الري لتقليل الرطوبة النسبية و الزراعة على مسافات مناسبة مع إعطاء الأسمدة اللازمة فى أوقاتها المناسبة على أن تكون متكاملة و متوازنة.
أيضا يجب العناية بالتسميد البوتاسى و الكالسيومى لتقوية جدر الخلايا . و يبدأ برنامج مكافحة البياض الدقيقي داخل المشتل عند انتفاخ البراعم في المانجو و الحلويات و التفاحيات، حيث تعطى رشة بالكبريت الميكرونى بمعدل 250 جم / 100 لتر ، مع إضافة مادة لاصقة ناشرة ، ثم يكرر الرش في المانجو مرة كل 15 يوما . و في التفاحيات و الحلويات بعد اكتمال التزهير و العقد ؛ لتلافى سقوط الأزهار عند استخدام بشابير بقوة، و عند ظهور أول بقعة دالة على الإصابة بالبياض الدقيقي يوقف استخدام الكبريت الميكرونى، و يستبدل مادة جهازية موصى بها . و يختلف عدد الرشات اللازمة تبعا للنوع المنزرع ( عنب - تفاحيات - حلويات - مانجو ... إلخ ) أما العنب فيبدأ الرش عند وصول النموات الحديثة إلى حوالي 30 سم في الطول ، و يكرر الرش كل 15 يوما ً.
4. البياض الزغبى على العنب :
يعتبر البياض الزغبى على العنب المتسبب عن الفطر الطحلبي Plasmopara viticala أحد الأمراض الوبائية الهامة في مشاتل العنب منذ أول شهر يونيو من كل عام ، خاصة عند ضيق مسافات زراعة العنب ، و تلامس المجموع الخضري للشتلات ، و زيادة الرطوبة الأرضية و النسبية بالجو . و تظهر أعراض المرض في صورة بقع صفراء على السطح للأوراق ، يقابله نمو زغبي على السطح السفلى عبارة عن الحوامل و الأكياس الجرثومية للفطر ، و التي تتطاير مع الهواء لتقع على أنسجة نباتية جديدة ، حيث تنفجر الأكياس في وجود الماء الحر ( قطر الندى ) لتنتج جراثيم هدبية تسبح فترة ثم لا تلبث أن تحاط بجدار سميك ؛ لتنبت بعد ذلك مرسلة أنبوبة إنبات تدخل الورقة عن طريق أحد الثغور ، حيث يتكون الميسليوم في النسيج الميزوفيلى للأوراق ، مرسلا ممصات للحصول على الغذاء و لا تلبث البقع المصابة أن تلتحم لتعم سطح الأوراق - خاصة الحديثة ، فتموت أنسجة المناطق المصابة و تتحول إلى اللون البني ، و عند اشتداد الإصابة تسقط الأوراق ، مما يقلل من السطح الأخضر اللازم للقيام بالتمثيل الضوئي كما تتعرض الأفرع للسعة الشمس ، و بالتالي يتم الحصول على شتلات ضعيفة . و تتم مكافحة هذا المرض باستخدام المركبات النحاسية الموصى بها حتى ظهور أعراض الإصابة ، فيتم استبدالها بأحد المبيدات الجهازية الموصى بها ، و ذلك اعتبارا من النصف الثاني من شهر يونيو من كل عام.
5. تبقعات الأوراق :
تحدث تبقعات الأوراق على شتلات الفاكهة نتيجة الإصابة بفطريات متعددة ، مثل : الألترناريا ، و البوتريتس ، و السركسبورا ، و الهلمنثيسبوريم و غيرها ، و يؤدى ازدحام النباتات بالمشتل إلى زيادة شدة الإصابة . و تتلخص هذه الأعراض في ظهور مناطق محاطة بهالات صفراء لا يلبث وسط هذه البقع أن تموت أنسجته و تتحول إلى اللون البني و تنتشر تبقعات الأوراق عند ارتفاع نسبة الرطوبة ، و هى تقلل من المسطح الأخضر المتاح لعمليات التمثيل الضوئي ، و بالتالي تقل كمية الغذاء المتكونة ، و تتم مكافحة هذه التبقعات بأحد المبيدات التي تعمل بالملامسة كمركبات النحاس أو الجهازية الموصى بها.
6. النيماتودا :
تعتبر النيماتودا أحد الآفات الحيوانية الهامة في مشاتل الفاكهة ، و رغم تعدد أنواعها فإن أخطرها - خاصة في المشاتل المقامة على أراضى رملية - هى نيماتودا تعقد الجذور . Melodegine spp حيث تؤدى الإصابة بهذه النيماتودا إلى تكوين تدرنات و أورام صغيرة على الجذور نتيجة دخول الإناث و امتلائها بالبيض، و بالتالي تعيق هذه الأورام صعود و نزول العصارة ، فتضعف النباتات و تتقزم و تصفر أوراقها ، و عند نقل هذه الشتلات المصابة تتلوث التربة الجديدة بجانب النمو الضعيف لهذه الشتلات و أهم طرق مكافحة هذه الآفة عدم نقل تربة ملوثة إلى المشاتل ، مع استخدام أسمدة عضوية متحللة و نظيفة و معالجة التربة الملوثة بأي مبيد نيماتودى موصى به ، و فرز و استبعاد الشتلات المصابة و عدم نقلها للأرض المستديمة و التخلص منها.
المصدر:
- د/ مدحت يوسف مراد/ وكيل معهد بحوث أمراض النباتات لشئون الإرشاد و التدريب/ ورئيس بحوث أمراض الفاكهة والأشجار الخشبية، مجلة شمس / العدد 45