و ينتشر المسبب الفيروسي لهذا المرض في جميع أنحاء العالم كما تم عزله في مصر عام 1975 من أبقار فيريزيان مرباة بمدرية التحرير.
وبائية المرض:
يصيب هذا المرض الأبقار أساسا تحت الظروف الطبيعية ، و تعتبر الأبقار سواء كانت ذكورا أو إناثا قابلة للإصابة بنسبة كبيرة في 6 شهور حتى سنتين.
كما سجل المرض على عجول تراوح عمرها بين 3 - 7 سنوات ، و عجول حديثة الولادة يتراوح عمرها بينما بين 15 - 90 دقيقة ، كما لوحظت أجنة عمرها 8 شهور داخل أرحام أمهاتها المصابة عليها تقرحات فمرض الإسهال الفيروسي للأبقار ( مرض الأغشية المخاطبة ) اقل حدوثا في الأبقار كبيرة السن.
و قد وجد أيضا أن المرض يصيب الجاموس و الغزال و الأيائل ، و عزل الفيروس المسبب منها ، كما لا توجد معلومات مؤكدة عن قابلية الإصابة بهذا المرض لأنواع أخرى من الحيوانات و الطيور إلا أنه أمكن اكتشاف وجود الأجسام المضادة لهذا الفيروس عام 1962 في مصل الأغنام والخنازير باستراليا.
وقد وجد أن متوسط نسبة الإصابة بهذا المرض في مصر تصل إلى 35 % في الأبقار و 24 % في الجاموس . كما يشكل مرض الإسهال الفيروسي 56 % من حالات الإصابة بالنزلة الشعبية المعوية في العجول البقري و 10 % في العجول الجاموسي.
التعريف بالمرض ومسببه :
يطلق على مرض الإسهال الفيروسي للأبقار (مرض الأغشية المخاطية ) - مسميات أخرى مثل الالتهاب المعوي الرئوي للعجول ، أو الالتهاب المعوي المعدي للأبقار.
وهو مرض فيروسي وبائي معدي يصيب الأبقار أساسا ، حيث يؤدى إلى :
- ارتفاع درجة حرارة جسم الحيوان.
- تقرح والتهاب الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز الهضمي.
- زيادة إفراز اللعاب والتهاب الأنف.
- ضعف الحيوان المصاب وحدوث إسهال (مستمر أو متقطع ) مصحوب بالدم أحيانا.
- تضخم الغدد الليمفاوية والانخفاض الكبير في عدد كرات الدم البيضاء
- عرج الحيوان المصاب وإجهاض الإناث العشار أحيانا.
والفيروس المسبب ينتمي لعائلة التوجوفيريدى Togo viridae جنس بست فيروس pestvirus ، وهو شديد الحساسية للحرارة ، يقتل في دقائق قليلة عند تعرضه إلى 56 م أو في الوسط الحامضى.
وقد أوضحت التجارب السيرلوجية وتجارب المناعة المتبادلة في الحيوانات وجود علاقة وثيقة بين الفيروس المسبب لمرض الإسهال الفيروسي للأبقار والفيروس المسبب لكوليرا الخنازير.
ويعتقد أن انتقال هذه المرض يتم عن طريق الحيوانات المصابة ، وأدوات وملابس العمال الملوثة ، والعلائق والمياه الملوثة ، وربما ينتقل أيضا عن طريق الرزار أو الحشرات.
الأعراض الإكلينيكية للمرض :
تؤثر عوامل عديدة على أعراض المرض وشدتها ، ومدى انتشارها ، ونسبة النفوق بين الحيوانات ، مثل : ضراوة الفيروس - قابلية الحيوان للإصابة بهذا الفيروس - العوامل الضاغطة.
وقد اختلف العلماء في تحديد عمر الحيوانات القابلة للإصابة ، ففي حين ذكر البعض أن المرض يصيب العجول في عمر 5- 6 شهور - وجد البعض أن الأبقار البالغة يحمل 90 % منها أجساما مضادة للمرض ، وعند إصابتها لا تظهر عليها أعراض الإصابة ، ويظهر هذا المرض عادة في مزارع التسمين ، وترتفع نسبة العدوى في القطعان ، إلا أن نسبة الحيوانات التي تظهر عليها أعراض المرض تعد صغيرة 5 %.
وتوجد الأعراض الإكلينيكية في عدة صور :
الصورة الحادة : Acute Form
تظهر الأعراض في هذه الحالة بصورة مفاجئة ، حيث ترتفع درجة الحرارة إلى 39,5 - 42,5 م خلال 12 - 60 ساعة ، مع الخمول العام للحيوان ، وزيادة عدد ضربات قلبه وسرعة تنفسه ، وفقده للشهية . تظهر بعد ذلك تقرحات على الغشاء المخاطي المبطن لمعظم القناة الهضمية.
- الانخفاض الواضح في عدد كرات الدم البيضاء ، الذي يصاحب ارتفاع درجة حرارة الحيوان.
- ظهور إفراز مخاطي في الأنف ، يتحول إلى إفراز متقيح ،وإصابة الحيوان بكحة جافة شديدة ، وعند اشتداد الإصابة تغطى رأس الحيوان بطبقة من الإفرازات اللزجة التي تجف تاركة تحتها القروح.
- زيادة إفراز اللعاب الذي يصبح مخاطيا.
- التهاب ملتحمة العين ، وزيادة إفرازات العينين ، وعتامة قرينيتهما التي قد تصل نسبتها أحيانا إلى 10 % وعادة ما تكون إصابة أحد العينين مؤقتة.
- احتقان الغشاء المخاطي المبطن للأنف وظهور القروح التنكرزية على لبغشاء المخاطي المبطن للحاجز الأنفي وفتحتي الأنف.
- وجود أماكن محتقنة ومنتفخة يتراوح قطرها ما بين 2 - 5 مم في التجويف الفمي ، تتطور بعد ذلك إلى فقاعات ثم قروح على جانبي اللسان والشفاه واللثة وجانبي الفم . ويمكن مشاهدة هذه التقرحات أيضا في المنطقة الثلجية بأعلى الظلف ، حيث تظهر الأنسجة ملتهبة تحتها ومتورمة ، وغالبا يلاحظ التهاب غلاف صفحة القدم ، وقد يصبح مزمنا.
- يبدأ الإسهال بعد ظهور الأعراض السابقة ب 7 - 9 أيام ، ويستمر لمدة 1 - 4 أسابيع ، حيث يكون البراز مائيا داكن اللون ، به فقاعات غازية كريهة الرائحة متعفنة ، وكثيرا ما يحتوى البراز على مخاط وكتل دم متجلطة أو متخثرة.
- يلاحظ انتفاخ جلد الحيوان في منطقة الرأس والرقبة في حالة الإصابة الشديدة ، كما تظهر التقرحات في منطقة الضرع والصفن ، كما يتساقط الشعر.
- هزال ونحافة الحيوانات المصابة ، وكثيرا ما يحدث إجهاض للحيوانات العشار،التي تصاب بكثرة في النصف الأول من فترة الحمل. ويصبح الجنين مقاوما لهذه الصورة الحادة من المرض بتقدم الإصابة.
يستمر المرض من 4 - 15 يوما ، وينتهي عادة بنفوق الحيوان المصاب. كما يظهر الإسهال على العجول المولودة من أمهات مصابة بالمرض ، مع حدوث تنكرز بالرئة والجلد والتهاب بالمخ ، أو وجود تقرحات في التجويف الفمى ، وحمى ونقص شديد في خلايا الدم البيضاء ، وينفق الحيوان خلال 18 - 96 ساعة من ظهور الأعراض.
الصورة تحت الحادة : Sub acute form
يميز هذه الحالة الارتفاع المفاجئ في درجة حرارة الحيوان ، وزيادة عدد ضربات قلبه ومرات تنفسه ، وفقده للشهية كليا أو جزئيا .
كما تصاب الحيوانات بقروح في الأغشية المخاطية للفم ، مع زيادة إفراز اللعاب والإفرازات الأنفية ، والكحة والاحتقان الشديد في الأغشية المخاطية المبطنة للجهاز الهضمي لفترة تتراوح ما بين 12 - 24 ساعة .
وقد تظهر العدوى في صورة بسيطة ، حيث ترتفع درجة حرارة الحيوان بدرجة طفيفة ، مع التهاب بسيط في الأنف ، والإسهال خاصة في العجول الصغيرة . وتستمر الحالة لمدة 3 - 4 أيام يشفى بعدها الحيوان المصاب سريعا.
الصورة المزمنة : Chronic Form
تتميز هذه الحالة بالإسهال المزمن لفترة طويلة ، مع الضعف العام الشديد للحيوان . وكثيرا ما تظهر عدوى أو إصابة غير ظاهرة من الناحية الاكلينيكية Subclinical يصاحبها إجهاض وإسهال ، وظهور ولادات ضعيفة جدا ، كما يحدث ضمور في المخ ، وهزال والتهاب مفاصل العجول الصغيرة (ظاهرة العجول الضعيفة ) والتقرح المزمن للأغشية المخاطية للجهاز الهضمي للأبقار الأكبر سنا (مرض الأغشية المخاطية).
الصور الكامنة : atent Form L
لا تظهر أية أعراض مرضية لكن يمكن تحديد حدوث الإصابة بالاختبارات السيرولوجية للكشف من وجود الأجسام المضادة للفيروس ، مع مراعاة أن الحيوانات السليمة في المناطق الموبوءة يوجد في أمصالها أجسام مضادة للفيروس.
تشخيص المرض:
يتم التشخيص الأولى لهذه المرض طبقا لأعراضه الاكلينيكية وصفاته الوبائية ، أما التشخيص النهائي فيتم طبقا لنتائج الفحص المعملي ، ونظرا لتشابه هذا المرض مع كثير من الأمراض الفيروسية الأخرى مثل :
الطاعون البقرى - التهاب الفم التقرحى - الباراانفلونزا - حمى الرأس الخبيثة - الإسهال الناتج عن فيروسات البارفو والانثرو - التهاب الأنف والقصبة الهوائية المعدي ؛ فان عزل الفيروس والتعرف عليه سيرولوجيا هو العامل الرئيسي لتشخيص المرض.
التشخيص المقارن:
نظرا لتشابه أعراض مرض الإسهال الفيروسي للأبقار مع أعراض مرض الطاعون البقري - يجرى التشخيص المقارن بعزل الفيروس المسبب من خلايا الزرع النسيجي الأولى لكلى العجول والتعرف عليه سيرولوجيا ، ويتميز مرض الطاعون البقرى بحدوث نسبة عالية من الإصابة والنفوق .
يعتبر التهاب الفم المقترح والالتهاب المعوي المعدي أعراض مميزة لكل من الإسهال الفيروسي للأبقار ، الطاعون البقرى ، حمى الرأس الخبيثة - إلا أن التهاب الفم والاحتقان يكونان شديدين في حالة مرض حمى الرأس الخبيثة ، بجانب عتامة قرينة كل من العينين ، والتي لا تكون قابلة للشفاء ، مع زيادة حجم الغدد الليمفاوية ، خاصة أمام الكتف ، وظهور البول المدمم ، والتهاب المخ في المراحل النهائية.
يمكن تمييز الأمراض الحويصلية عن الإسهال الفيروسي للأبقار بوجود حويصلات على اللسان والغشاء المخاطي المبطن للتجويف الفمى ، وحلمات الضرع ، والمنطقة التاجية بأعلى الظلف ، كما يمتاز مرض اللسان الأزرق بتكوين إصابات تقرحية في فم الأبقار والأغنام.
هناك أمراض تسبب إسهالا بدون حدوث إصابات في الفم مثل : الإسهال الشتوي - الإصابات بالسالمونيلا - مرض يونز - الإصابة بالطفيليات .
هذه ويتم الفحص المعملي في عينات من : البراز - إفرازات الأنف - الدم - الأنسجة المأخوذة من الحيوانات النافقة أو المذبوحة اضطراريا أثناء تشريح جثثها ، وأيضا الأمصال التي جمعت أثناء فترة نقاهة الحيوان أو فترة مرضه الحادة.
العلاقات التشريحية عند الإصابة بالمرض:
عند تشريح الحيوانات النافقة أو المصابة يلاحظ وجود تغيرات مرضية تنحصر في:
- تقرحات تغطى الغشاء المخاطي المبطن للقناة الهضمية والجزء العلوي من الجهاز التنفسي.
- وجود تقرحات في :التجويف الفمى واللثة ، وعلى جانبي اللسان ، وسقف الحلق والأشداق ، والكرش وأم التلافيف.
- وجود التهاب فبرينى تنكرزى ، والتهاب معوي أو نزفي في الأمعاء الدقيقة.
- حدوث تغييرات مرضية في الأجنة تؤدى إلى الإجهاض ،والتشوهات الخلقية في العجول (ضمور المخيخ - عتامة العين - اضمحلال الشبكية - ضمور والتهاب الأعصاب البصرية ) نظرا لسهولة مرور الفيروس خلال الأغشية الجنينية.
الوقاية من المرض:
- التحصين باستخدام لقاحات محضرة من فيروس إسهال الأبقار - المروض للنمو في الأرانب ، - أو بالتمرير المستمر في الزرع النسيجي ، حيث إن إعطاء اللقاح مرتين للحيوان حقنا في العضل يكسبه مناعة لمدة 6 شهور.
- استخدام لقاح ميت بواسطة الصابونين أو الإيثانول.
ويراعى أن العجول التي سبق إصابتها بالمرض لا تستجيب مناعتها عند تحصينها بلقاحات مضادة للأمراض الأخرى كالطاعون البقرى ، الذي يساعد في انتشار مثل هذه الأمراض نظرا لما يحدثه من التثبيط المناعي للحيوان.
و تعتمد الوقاية من هذا المرض على خبرة الطبيب البيطري، وإتباع الآتي:
- عزل الحيوان المصاب و إعدامه في حالة انتشار المرض في صورتيه الحادة و المزمنة، و تطهير المكان و وسائل النقل باستخدام الينول.
- الحجر الصحي و عدم نقل الحيوانات عند انتشار المرض ، حيث إنه ينتقل بالاتصال المباشر أو غير المباشر وعدم إدخال حيوانات جديدة لمناطق موبوءة.
- ملاحظة الحيوانات التي توجد في مصلها أجسام مضادة للفيروس لأنها ربما تكون مصدرا للعدوى.
- تطبيق الحجر الصحي البيطري على الحيوانات المستوردة لمدة شهر وفحص مصلها ، بحثا عن علاج الأجسام المضادة للفيروس.
العلاج :
لاتوجد عقاقير أو مضادات للأمراض التي تسببها الفيروسات - و في حالة الإسهال الشديد يعطى الحيوان مواد قابضة لتقليل فقد الماء و الأملاح من جسم الحيوان ، وأيضا إعطاؤه الأملاح و الجلوكوز و المضادات الحيوية لمنع الإصابة الثانوية بالميكروبات الأخرى ، التي تصل للجسم عن طريق أنسجة الجهاز الهضمي المصابة.
وعند وجود تقرحات شديدة على الأغشية المخاطية و كثيرة يفضل عدم اتخاذ أي إجراءات علاجية.
المصدر:
- مجلة شمس / العدد 33