نبذة عن تاريخ الأسماك:
تضم البيئات المائية على اختلاف أنواعها قرابة 150 ألف نوع من الكائنات الحية التي تعيش في الماء، وأكثر من 70 ألف مليون طن من الأعشاب والطحالب والمواد العضوية الأخرى، ومن المعروف أن قرابة 71 % من مساحة الكرة الأرضية مياه، وتمدنا هذه المسطحات المائية بجانب الأسماك بملح الطعام والأكسجين.
ويطلق لفظ الأسماك على الأحياء المائية من ذوات الدم البارد التي تتنفس بالخياشيم، وتمتلك زعانف وتنتمي لرتبة الفقاريات.
تنحدر الأسماك من رتبة الفقاريات ولا نعرف على وجه التحديد متى انتقلت اللافقاريات إلى حيوانات فقارية، وذلك لأن هذا الانتقال تم منذ عهد سحيق، يتجاوز أربعمائة وخمسين مليون سنة، أي في العصر السيلوري الأدنى، والمعروف أن الأسماك هي الفقاريات الأولى التي ظهرت على سطح الأرض، وكانت جميعها في أول الأمر تنتمي لمجموعة الأسماك المدرعة.
وحتى العصر السيلوري الأعلى كانت أنواع الأسماك لا تزيد في الطول على عشرة سنتيمترات، ثم بدأت تظهر بعد ذلك أنواع من الأسماك المدرعة أرقى وأكبر حجماً، وقد أمكن العثور على بقايا الهياكل العظمية الخارجية من هذه الأسماك؛ وقلما عثر على هياكلها الداخلية، ويمكن اعتبار الأسماك مستديرات الفم الحديثة من أحفاد تلك الأسماك المدرعة القديمة.
وعلى الرغم من ذلك يطلق على كائنات بحرية أخرى لفظ "أسماك" ربما لا ينطبق عليها هذه المواصفات العلمية، مثل الحيتان وأسماك يونس أو ما يطلق عليه أيضاً (خنزير البحر) فهي حيوانات ثديية تتنفس عن طريق الرئتين وليس الخياشيم، كما أن الأصداف أو المحار لا تحتوى على عمود فقري، ومع ذلك يطلق عليها السمك الصدفي، وكذلك القشريات مثلاً من الكابوريا والجمبري وما إلى ذلك من أنواع أخرى قد لا تنتمي علمياً لفئة الأسماك.
وتتطلب سرعة الحركة في الماء شكلاً خاصاً للجسم، يحقق أقل قدر من المقاومة، وتتطلب أيضاً جهازاً يساعد على الاندفاع في الماء، فكان شكل السمكة نتيجة حتمية لظروف البيئة التي عاشت فيها الأسماك الأولى. وهكذا تطورت اللافقاريات إلى هيئة الأسماك المعروفة برءوسها المدببة التي تتصل بالجسم اتصالاً مباشراً دون عنق. كما بدأ الجزء الخلفي يتدرج في الانحدار عند الوسط، حتى يصل إلى نهاية مدببة عند الذنب، وتطلب الأمر وجود قائمة على نهاية الجسم تساعد سرعة الحركة، فكان لابد أن تنشأ الزعنفة الذيلية، كما دعمت الزوائد الزعنفية الصدرية بأسنة قوية قصيرة تساعد السمكة على العوم السريع.
الصفات العامة للأسماك:
تتميز الأسماك - مثل باقي الفقاريات- بوجود الهيكل المحوري أو العمود الفقري، الذي يتركب من فقرات منفصلة، ويحمي النخاع الشوكي والأجهزة الداخلية، كما يدعم أجزاء الجسم الأخرى، ويقع في تجويف الجسم الذي يحتوي على الأعضاء الحيوية .
ويتكون جسم السمكة من جزأين أساسيين؛ الجزء الأمامي هو بطن السمكة، أما الجزء الخلفي الذي يقع خلف تجويف الجسم، فيتكون معظمه من العضلات، ووظيفته الأساسية هي دفع الأسماك في الماء،ويطلق عليه اسم الذيل.
وتتميز الأسماك كذلك بوجود القشور التي تغطي جسمها، وتكون هيكلها الخارجي.. وتكسو جلود الأسماك أيضاً طبقة من مادة مخاطية تكمل ما للقشور من وظائف وقائية؛ فهي تحيط بالفطريات والجراثيم التي قد تعلق بجسم السمكة، وسرعان ما تشل حركتها، فتنزلق وتسقط دون أن تصيبها بضرر، أما إذا فقدت السمكة جزءاً من قشورها، فإن الميكروبات تستطيع أن تصل إلى الجزء العاري الخالي من المادة المخاطية، فتتعرض السمكة لكثير من الأمراض.
كما تتميز الأسماك أيضاً بوجود الزعانف التي تدعمها أشواك غضروفية أو عظمية؛ والزعانف تكون فردية أو زوجية.. فالفردية هي الزعنفة الظهرية والشرجية والذيلية، والزوجية هي زعنفتا الصدر.
ألوان الأسماك:
للأسماك أشكال وألوان بديعة تختلف ألوان الأسماك ما بين الرمادي الفاتح، والأحمر الزاهر، والبني الذي يشبه الخضرة، إلى الألوان القاتمة التي اختصت بها أسماك القاع، وتمتاز الأسماك العظمية عادة بجمال ألوانها وتعددها، بينما تتجانس الألوان في الأسماك الغضروفية.
وتكتسب الأسماك ألوانها من أصباغ راسبة أو معلقة في خلايا خاصة ذات أضلاع أو فروع؛ وتحتوي الخلايا المضلعة على الصبغ الأصفر، بينما تحتوي المتفرعة على الصبغ البرتقالي والأحمر والبني والأسود. وهناك خلايا أخرى متفرعة، تتكدس فيها بلورات عاكسة للضوء من مادة تسمى " الجوانين"، وهي من إنتاج المواد الزلالية المهضومة، ويحملها الدم إلى هذه الخلايا التي تكثر على بطن السمكة ويعزى إليها اللون الأبيض والفضي.
وتختلف مقادير الصبغات والبلورات من سمكة لأخرى، فإذا ما كثرت الخلايا المحتوية على الصبغات، وكانت الألوان زاهية وواضحة؛ وإذا ما كثرت الخلايا البلورية، أصبحت الألوان باهتة؛ وعند انتشار السوائل الملونة داخل الخلايا يزداد لون السمكة وضوحاً، وإذا تراكمت الخلايا المختلفة الأصباغ بعضها فوق بعض ينتج منها ألوان متعددة - كما أن مادة " الجوانين" تستطيع أيضاً أن تحلل الضوء إلى ألوان الطيف، وبذلك تبدو السمكة من بعيد في ألوان خلابة ساحرة.
وتأخذ بعض الأسماك ألوان الأعشاب البحرية أو المرجان للهروب من أعدائها أو مباغتة فريستها، كما تتخذ أسماك القاع ألواناً تشبه الألوان السائدة فيه.
والضوء هو أكبر عامل في تكوين الألوان عند الأسماك، فهو يؤثر على أنسجة الجلد، ويدفعها إلى تكوين المواد الملونة.. ولا يتعدى انتشار الضوء وتخلله طبقات المياه أكثر من 400 متر، وينتج من هذا أن أسماك السطح تكون زاهية اللون، بينما تتجانس الألوان كلما ازدادا العمق حتى تصبح باهتة في الأعماق السحيقة وكذلك تبهت ألوان الأسماك التي تسكن الكهوف المائية المظلمة، ولكنها تستعيد ألوانها عندما تتعرض للضوء.
ويبدو جمال الألوان في الأسماك بوجه خاص في وقت التزاوج.. إذ يبدو الذكر في أزهى لون، حتى يستطيع إغراء الأنثى واجتذابها، ويرجع هذا إلى التغيير في الألوان إلى نشاط الغدد التناسلية.