عتبر ثمرة الليمون البلدي من أصغر أنواع أثمار الموالح حجمًا نسبيًا. أما شكلها فكروي أو بيضاوي وقد يتواجدا على نفس الشجرة. ويتزايد حجم الثمرة ووزنها تدريجيًا عادة باكتمال نموها ويكون ذلك بعد عمر لها يصل إلى حوالي 140 إلى 155 يومًا من بدء التزهير. ويثبت ذلك الحجم عندما تصل إلى قرابة المائتي يومًا بالغة نضجها ويكون وزنها في تلك الآونة حوالي الثلاثين جرامًا.
ومن المعروف أن ثمرة الليمون تحميها قشرتها من الفصوص ومحتوياتها.
وتتركب هذه القشرة من طبقتين متلاصقتين:
(أ) الطبقة الخارجية وتعرف باسم "فلافيدو Falvedo" :
وتغطى بطبقة من الكيوتيكل بخلاياها وتنتشر بها الغدد الزيتية التي تمتلئ بمخلوط من الألدهيد المسمى "سترال" Citral وإليه يعزى معظم الرائحة العطرية بالزيت برغم أن نسبته لا تتجاوز 4 – 6% منها. أما كحول سترونيللال Citronellal وتربنين D – Limonine فتصل نسبتها معًا حوالي 80-90% من الزيت.
هذا ويستعمل زيت الليمون في صناعة الرواح العطرية وأساسها "ماء الكولونيا" وفي صناعة صابون الزينة كما يستعمل في صناعة الحلوى لإعطائها النكهة بل والطعم بمرارته الرقيقة المرغوبة أحيانًا.
وتحتوي هذه الطبقة على "المواد الملونة Pigments" وهي تنتشر بغير نظام إلا أنها تتجمع في أجسام دقيقة تعرف "بحوامل الألوان Chromatophores".
هذه الأخيرة تكون – بما تدركه العين من الإحساس – بلونها الأخضر الغامق الذي يوجد بالبلاستيديات الخضراء الموجودة بسيتوبلازم الخلايا مسببة "الكلوروفيل أ، ب" ثم يتحول تدريجيًا إلى اللون الأخضر الفاتح بدرجاته التي تسببها المواد الكاروتينية ثم يضمحل وتكون خاتمة القشرة بلونها الأصفر بتسلسل درجاته كلما اتجهت الثمار إلى النضج. هذا ويبلغ أقصاه عندما يكون عمر الثمرة حوالي 205 إلى 230 يومًا من بدء ترميزها.
(ب) ويلي طبقة الفلافيدون طبقة "الألبيدو Albedo":
التي تتكون من خلايا برانشيمية غير منتظمة الشكل وبينها فراغات مما يجعل لهذه الطبقة قوامًا له إسفنجيته البسيطة، ولهذه الطبقة قيمتها من الناحية الكيماوية حيث تحتوي على نسبة من البكتين تصل إلى حوالي 20% منها، ومما يستحق الذكر أن سمك القشرة يتناقص تدريجيًا بصفة عامة خلال عمر الثمرة وأن تعرض إلى الكثير من الذبذبات غير المنتظمة كلما تولت أيامها.
أما لب ثمرة الليمون فيتكون من "الكرابل Capels" أي "الفصوص".
ويغلف الفص بغشاء رقيق يضم بداخله الأكياس العصيرية الصغيرة الحجم المغزلية الشكل وينتشر حولها قلة من عدد البذور التي تتجاوز الخمس. هذا – وتتصل الأكياس العصيرية بجدار غشاء الفص بواسطة خيوط دقيقة متفاوتة في طولها ويتكون الكيس العصيري من خلايا عديدة. أما بؤرة الزيت – بدقتها المتناهية – فتقع في عمق مركز الخلية.
وإبان اكتمال نمو ثمرة الليمون يكون لها تحت ظروفنا المحلية أعلى نسبة وزنًا لمحتواها من العصير حيث يبلغ حوالي 55 -60%. هذا ومن الثابت أن هذه النسبة تأخذ في الانخفاض تدريجيًا في سبيلها إلى النضج. وبين هذا وذاك وجد أن قيمة تركيز أيون الأيدروجين بالعصير تنخفض تدريجيًا من 5.4 تقريبًا عندما كانت الثمار صغيرة السن ومتدرج انخفاضًا حتى تصل إلى حوالي 2.75 في الآونة التي خلالها اكتمل نموها وكانت نسبة الحموضة آنذاك حوالي 7%.
وهنا – ما من إنسان إلا وكان له من الأهمية مالها من ثمرة الليمون فلها – ويؤكد القدامى ذلك – كما نحن مؤكدين – أن في قشرتها ما يريح الإنسان ويبعث فيه الرضا والراحة ونكتها المحبوبة ورائحتها التي تنبعث من غددها الزيتية.
أما عصيرها فله طعمه المرغوب الذي يخلطه بنسبة من الماء ما يساعد على تبدد العطش وسريعًا ما يتراجع كذلك عند الشعور بقرابة الغثيان وخاصة في المرئ ويمتنع القيء في معدته. ويؤكد الكثيرون – غير ذلك – أن في هذا المخلوط ما يلطف من ألم الصداع.
أما من الناحية الطبية فقد يعاني الإنسان من حالة فسيولوجية غير طبيعية تؤدي إلى ارتفاع قيمة الأس الأيدروجيني وتنخفض قلوية الدم أو الأنسجة "Acidosis". وهنا – يكون في تعاطي عصير الليمون ما فيه من انخفاض لقيمة الأس الأيدروجيني – أي ارتفاع حموضته نسبيًا مما يفيد للإنسان انضباط حالته سواء من ناحية سريان دمه أم أنسجته.
وما يستحق المعرفة أن في ثمرة الليمون التي اكتمل نموها كل مكوناتها الكيميائية والأنزيمية التي قدرت بالكثير وتتخذ من مختلف الخلايا والأنسجة وغيرها من أجزاء الثمرة مكانًا لها حيث تتوافر لها القدرة على القيام بوظائفها الفسيولوجية دون أن تتداخل في غيرها أو يتفاعل بعضها البعض الآخر.
ومع ذلك – فعندما يستخرج الإنسان العصير من الثمرة سواء بالضغط عليها أو تهميشها فإن كل هذه المكونات قد تمتزج ببعضها البعض وقد تتفاعل من الناحية الكيميائية فينتج عن ذلك تغيرات غير مرغوبة قد يمسها الإنسان أو يلمسها من ناحية النكهة أو الرائحة بل واللون.
أهم محتويات الثمرة
المكونات النيتروجينية: Nitrogenous Constituents
ويتراوح ما تحتويه ثمرة الليمون من النيتروجين ما بين 0.1 – 0.2% من البروتينات. ويتركز معظم هذه الكمية في المواد الصلبة الذائبة الكلية فتصل النسبة المئوية فيها إلى ما يتراوح بين 5 – 10 من هذه المواد، ومن المعروف أنه وإن كانت محتويات ثمرة الليمون ضئيلة فإنها تحتوي على نسب من البروتينات والبيتيدات والفوسفاتيدات البسيطة وغيرها من الأحماض الأمينية.
الأحماض العضوية: Organic Acids
ترجع حموضة عصير الليمون إلى ما يحتويه من أحماض عضوية أكثرها نسبة حامض الستريك التي تزيد نسبته من المواد الذائبة الكلية إلى حوالي 50% منها وبالغًا حوالي 7% من العصير – كما سبق الذكر. أما أحماض الطرطريك والبنزويك والسكسنيك بل والأوكساليك والفورميك فنسبهم لها ضآلتها.
العناصر المعدنية: Mineral Elements
لا تقل الأملاح المعدنية عن أهمية الفيتامينات. وترجع أهمية ثمرة الليمون البلدي – من الناحية الغذائية – إلى نسبة ما تحتويه من أملاح معدنية علاوة على فيتاميناتها.
وتسمى الأملاح المعدنية بالمواد الواقية لأنها تساعد على احتفاظ الجسم بصحته وحيويته حيث تعمل على تنظيم الحموضة في جسم الكائن الحي. وبالرغم من أن ثمار أنواع الموالح المختلفة تحتوي على نسب متفاوتة مختلفة من الأحماض العضوية إلا أنها تترك أثرًا قلويًا بالجسم عند هضمها وتمثيلها حيث تتحلل الأحماض العضوية بالجسم إلى ماء وثاني أكسيد الكربون ورماد معدني على حالة بيكربونات لعناصر الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم وبذلك تعمل هذه الأملاح على معادلة الحموضة الزائدة.
هذا – وتعمل بعض العناصر المعدنية مثل الحديد والنحاس كعامل مساعد لفعل بعض الإنزيمات ولولا وجودها لبطل فعل تلك الأنزيمات، ومن النتائج البحثية احتواء عصير الليمون البنزهير على هيئة أملاح للأحماض العضوية ذائبة فيه. أما عن الأملاح التي قد توجد على هيئة بلورات – مثل أكسالات الكالسيوم – ففي قشور ثمار الموالح ومنها الليمون البلدي ما تفاوتت نسبتها.
ويمكن القول بصفة عامة أن العناصر المعدنية التي تكثر وجودها في ثمار الموالح هي الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والماغنسيوم والكبريت والفوسفور. كما توجد عناصر الحديد والنحاس والألومنيوم والمنجنيز وأخيرًا عنصر الأزوت.
هذا – وتكون الأملاح المعدنية الرماد الذي ينتج بعد احتراق المادة العضوية الكلية وتختلف النسبة المئوية للرماد في ثمرة الليمون البلدي فتتراوح بين 0.25- 0.64% منها.
وفي دراسة لمحتوى ثمرة الليمون المالح من العناصر فقد احتوت ملليجرامًا لكل مائة منها:
- الصوديوم 300
- البوتاسيوم 187.00
- الكالسيوم 43
- الفوسفور 22
- الماغنسيوم 12
- الكلور 3
- الكبريت 10
- النحاس 0.04
- الزنك 0.17
- الحديد 0.40
- المنجنيز 0.05
مركبات الفلافون Flavenoids
عندما تتحد الفلافونات بجزيئات الكربوهيدرات تتكون الجلوكوسيدات منتجة الهسبردين Hesperidin الذي له المرارة في الطعم عند نهاية عمر ثمرة الليمون أو وفاتها.
المركبات المرة: Bitter Constituents
على الرغم من تعدد البحوث التي أجريت على ثمار الليمون البنزهير فإن التركيب الكيمائي الفعلي للمكونات المرة وميكانيكية تكوينها في أخريات عمرها ما زالا غير معروفين تمامًا. وإيضاحًا لما سبق الذكر – فمن المتوقع أن هذه المكونات توجد في قشرة الثمرة ومحورها.
وغلاف فصوصها الرقيقين بحالة غير مرة الطعم. إلا أنه عندما تضغط هذه الأجزاء على الثمرة طلبًا للعصير يكون امتزاج هذه المكونات بأحماض العصير امتزاجًا كيميائيًا – غير معروف كنكهة – مكونة المركب المر أو المركبين المري الطعم وهما ليمونين وأيزوليمونين Limonin & Isolimonin. هذا – وفي دراسة أخيرة عرف أن حامض ليمونكسيك Lemonexic acid هو أحد أحماض عصير الليمون البلدي ويساهم في طعمه المر. وبوجه عام فمما هو قاطع أنه في أخريات عمر الثمرة – وخاصة عند حفظها تحت درجة حرارة غير مناسبة لها – يكون لعصيرها ذلك الطعم المر. ومن هذا فحفاظًا على سلامة الثمار عند حفظها يجب أن تكون درجة الحرارة ما يدور حول 10 ْم.
السكريات: Sugars
يحتوي عصير الليمون البلدي على نسبة من السكريات تدور حول 1% منه وأهمها السكريات الأحادية وأساسها الجلوكوز والفركتوز. أما السكريات الثنائية الدقيقة فأدناها السكروز. ومن المعروف أن السكريات تتواجد خلال جميع أطوار نمو الثمرة وعلى الأخص عند نضجها. هذا – وتكون السكريات أكثر ارتفاعًا نسبيًا خلال الفترات الأولى من عمر الثمرة.
المواد البكتينية Pectrins
يتكون البكتين أثناء نمو الثمرة حيث تتفاوت نسبته بين قشرتها ولبها. ومن الثابت أنه قبل اكتمال نموها يكون على حالة بروتوبكتين Protopectin ثم يصبح حامض البكتيك Pectic Acid وأخيرًا البكتين Pectin بنقائه الأ[يض الزاهي اللون وعديم الرائحة وخاليًا من الطعم.
الفيتامينات: Vitamins
وهي مركبات عضوية يحتاج إليها الكائن الحي إنسانًا كان أم حيوانًا حيث يحتاج إلى مقادير ضئيلة إتمامًا لغذائه الكامل فتعود عليه صحته حفاظًا. وتقسم الفيتامينات إلى مجموعتين الأولى قابلة للذوبان في الماء والثانية تذوب في الدهون والزيت، وحول عام 1700 ثبت قاطعًا أهمية ثمار الموالح ومنها ثمار الليمون في علاج مرض الإسقربوط Scurvy. وحول قرابة عام 1932 أمكن التوصل إلى ما تحتويه ثمار الموالح المختلفة الأنواع على حامض الأسكوربيك Ascorbic Acid أي "فيتامين ج" الذي بقضي على هذا المرض فعلاً. ونعود على ثمار الليمون البلدي الذي تدور نسبته حوالي 60 ملليجرامًا لكل مائة سنتيمتر مكعب من عصيره وخاصة في بداية عمر الثمرة واكتمال نموها ثم تأخذ في الانخفاض تدريجيًا حتى نهاية عمرها.
هذا – ولا جدال أن فيتامين "ج" Vit C من الأسس الضرورية التي تعود أهميتها إلى جسم الإنسان في البناء والمحافظة على المادة الرابطة لخلايا الجسم المختلفة مثل الأنسجة المتباينة المترابطة والغضاريف والعظام والأسنان. كما يقوم فيتامين "ج" بدوره الأساسي في تماسك الأنسجة الرابطة لتفاوتات الأوعية الدموية وفي عمليات الجروح المختلفة وجدية التئامها وسرعتها.
ولا يخفى مقاومة هذا الفيتامين لنوعيات مختلفة من الأمراض المعدية لتفاوتات أعمار الإنسان – وأهمها:
- يؤدي نقص فيتامين "ج" بجسم الإنسان إلى الإصابة بمرض الإسقربوط – كما سبق الذكر.
- يساعد فيتامين "ج" في علاج حالات الأنيميا الناتجة عن نقص الحديد وعدم توفر كرات الدم الحمراء وفي ذلك تدهور صحة الإنسان.
- يحتاج جسم الإنسان إلى زيادة في توفر فيتامين "ج" عند الحمل والرضاعة.
- ومما يساعد على سرعة التئام الجروح متكاتفًا مع سواه من الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء وهي مجموعة البيوفلافونيدات (Vit. P)
- ومن المؤكد أن لفيتامين "ج" وقائيته وعلاج الإنسان من نزلات البرد. ومقاومة الجسم ضد الأمراض المعدية الحادة مثل الإنفلونزا المتعددة والحمى الروماتيزمية وسلامتها.
- ولفيتامين "ج" أهميته في التراجع عن التهاب الفم واللثة وتسوس الأسنان أو تآكلها.
ونعود إلى عصير ثمرة الليمون وارتفاع نسبة ما به من فيتامين "ج" حيث اتضح احتوائه على نسبة ضئيلة للغاية من مجموعة فيتامينات "ب" المختلفة القابلة كذلك – للذوبان في ماء العصير حيث لم تتجاوز 35 – 55 ميكرو جرامًا في كل 100 سنتيمتر مكعب من العصير. ومما يدعوني إلى الذكر أن مجموعة عدد فيتامينات "ب" بتجاوز العشرة.
المكونات غير العضوية: Inorganic Constituents
المكونات غير العضوية في عصير ثمار أنواع الموالح المختلفة ومنها الليمون البلدي هي ما تعرف بالرماد، ويتكون هذا الرماد من الأملاح المتعادلة والكربونات المتنوعة – أي المختلفة – الناتجة عن انحلال أملاح الأحماض العضوية ولذلك يطلق عليها الرماد القلوي Alkali Ash، هذا – ويكون عنصر البوتاسيوم حوالي 60 – 70% من الكاتيونات الكلية أي "الشق القاعدي" التي يحولها العصير، ومن المرجح أن معظم ما يوجد من هذا العنصر يكون على صورة سترات البوتاسيوم الحامضية.
أما معظم كل من الكالسيوم والماغنسيوم فيكون على صورة قابلة للذوبان في الماء ممتزجًا مع البكتين. وهناك ما يثبت أن الكبريتات والكلوريدات والنتراتات والفوسفاتات هي بعض الأنيونات – أي الشق الحامضي – التي تتحدد بجزء من كاتيونات عصير الليمون البلدي.
ومن ناحية أخرى فلا يخلو هذا العصير من نسبة من الكلور واليود والبروم في صور أملاح إلى جانب البورات وإن كانوا بنسب ضئيلة للغاية. ولا غرابة في أن عصير الليمون البلدي يحتوي على نسبة عالية من حامض البوريك الذي يصل إلى 0.33 ملليجرام لكل 1000 سم3 من العصير.
ومما ثبت أن عناصر الألومنيوم والزنك والتيتانيوم وإن تضاءلت فقد تأكد تواجدها بين مكونات العصير.
الإنزيمات: Enzymes
الإنزيمات هي عوامل عضوية مساعدة تصنعها الخلايا الحية في لب ثمرة الليمون وهي من أهم مكونات أنسجتها الحية حيث تلعب دورها للحفاظ على حياتها.
ومن الناحية الكيميائية فإن الإنزيمات تنتمي إلى البروتينات. ومن البحوث التي أجريت على ثمرة الليمون للتوصل إلى طعمها وما يتطور فيها خلال أيام عمرها اتضح أنها تحتوي على عدد كبير وإن ضئل من الإنزيمات – أهمها: بروتينز Proteinase وبكتينستريز Pectinesterase وأسيتيلستريز Acetylesterase وفوسفاتيز Phosphatase.
ولكل من هذه الإنزيمات خصائصه ومميزاته وأيونية الوسط الذي يؤثر في صفات عصير الليمون البلدي.