إن استمرار الشبكة مرهون بجدواها وفاعليتها، وذلك باعتبار أنها إطار اختياري تنضم إليه المنظمات غير الحكومية لتحقيق الاتصال والتواصل وتعبئة الطاقات وبناء القدرات . ومن ثم فإن هناك مجموعة متداخلة مترابطة من العوامل، التي تمثل متطلبات الفاعلية والتفعيل .

وتتمثل هذه العوامل فيما يلي:

1 ـ توافر رؤية واضحة Vision لدور الشبكة والأهداف المحددة التي تسعى إليها، مع تصور واضح للأولويات، فالعمل في دائرة واسعة من الأهداف ـ ودون أولويات ـ يشتت عمل الشبكة ويقلل من فاعليتها، بينما التركيز من شأنه تحقيق فاعلية واضحة .

إن الرؤية الواضحة لا تقتصر فقط على أهداف الشبكة، وإنما تمتد لقضايا المجتمع ، بمعنى أنه من المهم أن تأخذ الشبكة في اعتبارها القضايا المجتمعية التي ترتبط بدور المنظمات غير الحكومية، من ذلك التخفيف من الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية، وغير ذلك من قضايا مهمة حالية ومستقبلية .

وهنا فإن الرؤية النقدية أو الموقف النقدي مهم، وفي غيابه يصعب تصور النموذج الأساسي الذي تسعى الشبكة إلى تعبئة أعضائها للتحرك نحوه . وأخيرا وفي نفس السياق، فإن الرؤية الواضحة تشتمل أيضا على أبعاد أخلاقية أو نسق قيمي تتحرك الشبكة في إطاره، ولهذا فإن اعتماد ميثاق أخلاقي / قيمي يؤكد على مبادئ الشفافية والمحاسبية، ويحدد المبادئ القانونية والأخلاقية وفي التعامل مع باقي الشركاء، يصبح أساسيا . وهكذا فإن الرؤية الواضحة تشمل مكونات ثلاثة وهي رؤية للأهداف، ولقضايا المجتمع، وللنسق القيمي .

2 ـ تعدد مصادر التمويل، هو المتطلب الثاني لفاعلية الشبكات وهذه المصادر ينبغي أن تكون متنوعة، بعضها داخلي ذاتي مثل اشتراكات الأعضاء، ومقابل الحصول على نشرات أو خبرات ( التدريب مثلا )، وتبرعات وهبات دوائر الأصدقاء المساندين للشبكة . وبعضها الآخر خارجي يتمثل في مصادر تمويل المؤسسات العالمية والدولية، والأخير عادة ما يتجه إلى مشروعات دعم القدرات للمنظمات غير الحكومية، بينما في خبرة الشبكات ـ يتجه المصدر الأول الذاتي نحو دعم ومساندة التثقيف والتوعية والتأثير في السياسات العامة ( Advocacy ).

3 ـ التخطيط الدقيق لأنشطة الشبكة، والاحتراس والحذر من " مصيدة التنافس مع الأعضاء "، فبعض الشبكات في الدول النامية تبنت أنشطة تنافسية مع بعض الأعضاء من المنظمات غير الحكومية، وهو الأمر الذي أدى إلى تنافس وليس تكامل الموارد والطاقات . وعلى سبيل المثال إذا كانت الشبكة تتبنى برنامج بناء قدرات متميزا، فعليها أن تتعاون وتنسق بينها وبين بعض المنظمات التي تقوم بنفس هذا النشاط المتميز .

4 ـ تحقيق التوافق والانطلاق من " المشترك "، فالشبكة تضم منظمات متنوعة ومختلفة في الأهداف والنشاط والحجم وأحيانا في الرؤي السياسية والاجتماعية، ومن ثم فإن مسئولية الشبكة إزاء مؤسسات المجتمع المدني هي الانطلاق مما هو مشترك بين الأعضاء، وذلك بهدف تحقيق التوافق . أما الانطلاق من الأبعاد التي يوجد عليها اختلاف، فهو يقود إلى تفجير خلافات وظهور نقاط ضعف، تهدد استمرارية الشبكة .

5 ـ بناء شراكة فعالة بين الشبكة ومختلف الأطراف ، فالمنطق الأساسي للشبكة هو تقوية المجتمع المدني ودعمه، ومن ثم فإن بناء شراكة فعالة ـ من خلال الاتصال وتدفق المعلومات وتبادل الخبرات ـ مع مؤسسات المجتمع المدني عامة هو أمر مطلوب . يضاف إلى ذلك التعاون مع القطاع الخاص وتطوير دوره لدعم القطاع الأهلي، وهو دور توعوي وتثقيفي ثم نشاط مشترك . ويدخل في إطار بناء علاقات الشراكة الحكومات من جانب ومؤسسات التمويل العربية والدولية من جانب آخر .

6 ـ توفير آليات لإدارة المنافسة / الصراع المتوقع ظهوره بين منظمات مختلفة ومتنوعة، ومن ثم فإن الشبكات الناجحة في هذا الإطار، هي تلك التي تعتمد منهجية معلنة لميثاق أخلاقي واضح ومحدد ، إلى جانب توفير آلية للتحكيم تضم الحكماء من القيادات النشطة في القطاع الأهلي .

7 ـ وأخيرا وليس أقلها أهمية، فإن أحد متطلبات فاعلية الشبكات هي توفير أداء مهني متميزا وفي إطار من دعم العمل التطوعي والمتطوعين وهو مهمة ليست سهلة، فالخبرة في الدول المتقدمة والدول النامية على السواء، تشير إلى احتمالات توترات بين الجانبين . ومن ثم فإن التوافق بينهما واحترام كل طرف للآخر ولخبراته وإسهاماته من شأنه أن يبني الشبكة بخطوات أكبر .